عصام عبد الجواد
التسريب إسقاط لهيبة الدولة
فضيحة تسريب امتحانات الثانوية العامة فضيحة ما بعدها فضيحة تتطلب محاكمة عاجلة وسريعة وأحكامًا رادعة وقوية، ففى الأسبوع الماضى استيقظنا على أزمة أخلاقية لا مثيل لها فى دول العالم المتقدم منه والمتخلف، فلأول مرة يتم تسريب امتحانات الثانوية العامة بهذا الشكل ويتم الغش فى اللجان بشكل جماعى وعلنى، وهى أزمة أخلاقية فى المقام الأول تحتاج منا جميعا مراجعة الأمر، لأن ذلك قد يؤدى إلى ما هو أكبر وأكثر من ذلك بكثير، فالطالب الغشاش يستطيع فى المستقبل إذا ما تخرج فى كلية الطب أن يغش مرضاه، وإذا تخرج فى أى كلية أخرى وعمل فى أى وظيفة حكومية فسوف يتحول إلى مرتش وحرامى وغشاش، أما من سرب امتحان الثانوية العامة اليوم فيمكنه غداً تسريب أسرار الأمن القومى المصرى لمن يدفع أكثر، يجب على الدولة وعلى المجتمع أن يقفا موقفًا جادًا.
هذه فضيحة كبرى بكل المقاييس، فتسريب امتحانات الثانوية العامة جريمة كبرى لا تقل خطراً عن الإرهاب والتطرف اللذين تحاربهما الدولة ليل نهار وتكاد تقضى عليهما نهائيا.
وبعيدا عن المسئولية الجنائية والأخلاقية لكل خائن للأمانة شارك فى التسريبات أين أصحاب المكتبات الذين قبلوا تصوير الأسئلة والإجابات وتداولوها وباعوها للأهالى فى وضح النهار؟ لماذا لم تتم محاكمة هؤلاء أيضا على انعدام الضمير قبل محاكمتهم جنائيًا؟ فعملية تسريب الامتحانات من أول يوم وبعد 5 دقائق فقط من بدء الامتحان هى الفوضى بعينها وإهدار للمال العام الذى ينفق على وضع الأسئلة والطباعة والمراقبة وغيرها من الأمور التى تتم فى امتحانات الثانوية العامة، وإهدار لطاقات طلاب ظلوا طوال العام يدرسون ويسهرون ويجتهدون من أجل تخطى عقبة الثانوية العامة ثم يفاجأون بآخرين من زملائهم لم يجتهدوا ويؤدوا ما عليهم طوال العام وقد حصلوا على الأسئلة والإجابات النموذجية ويحصلون على أعلى الدرجات أين تكافؤ الفرص وقبل كل شىء أين القانون؟! لأن العقاب لم يكن رادعًا فى الأعوام الماضية لمن قام بتسريب امتحانات الثانوية العامة أو فى حالة الغش تكررت الجريمة هذا العام بشكل أوسع وأكبر، وسوف تستمر ما لم تكن هناك أحكام حقيقية تردع كل من تسول له نفسه فعل ذلك.
التسريب دليل قاطع على أن وزارة التربية والتعليم لا فيها تربية ولا فيها تعليم، فقط فيها غش وخداع وتسريب، لأن التسريب بهذا الشكل الفاضح دليل واضح على عجز الوزارة عن توفير الضمانات اللازمة للحفاظ على سريتها.. فمن الذى سرب وكيف ومن الذى قبض الثمن وأين هم الآن؟! هل هم مازالوا داخل الوزارة أم خارجها؟! معظم الدلائل تقول إنهم داخل الوزارة مادام التسريب مستمرًا منذ سنوات، وأن عملية الردع لم تكن كافية.. فهم مستمرون وسوف يستمرون فى المستقبل، والوزارة لم تتحرك، فعملية الغش الإلكترونى فى الامتحانات عمرها ست سنوات وتعاقب عليها العديد من الوزراء دون أن يجدوا حلا جذريا لها.. والحل دائما وأبدا فى كل مشاكلنا فى مصر أصبح يأتى من مصدر واحد فقط كلنا يثق فيه وهو الجيش المصرى، الوحيد الذى يستطيع القضاء على هذه الظاهرة الخبيثة.. فيجب أن تسلم مسئولية إدارة امتحانات الثانوية العامة للقوات المسلحة المصرية لحين تطهير وزارة التربية والتعليم من هذه الفوضى، لأن ما حدث يدل على أن اللجنة السرية لإدارة امتحانات الثانوية العامة ما هى إلا اللجنة العلنية لإدارة الامتحانات.
فقد تحولت عملية تسريب الامتحانات وتصوير الطلاب فى الثانوية العامة وهم فى حالة غش جماعى على أن الدولة المصرية مهتزة والمقصود بذلك هو إسقاط الدولة وهذا أمر خطير يجب علينا جميعا أن ننتبه إليه جيدا.