الخميس 5 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مفيش ضمير

مفيش ضمير






الضمير هو الأساس فى كل شىء، وهو أساس تقدم الشعوب وازدهارها، وهو الشىء الوحيد أيضا الذى لا يحتاج إلى تعليم أو تدريب ولا يحتاج أن يتم فرضه بالأمر المباشر على الشعوب، فالضمير عملية إنسانية أخلاقية فى المقام الأول، يحتاج فقط إلى الاحساس بالمسئولية تجاه الآخرين وتجاه الوطن، وصاحب الضمير لا يمكن أبداً أن يسىء لنفسه أو لوطنه أو لجيرانه، ولا يمكن أن يسمح لنفسه أن يفعل شيئا يخالف ضميره مهما كانت المغريات.
والشعوب التى تقدمت كان سبب تقدمها فى المقام الأول إحساسها بالضمير تجاه ما حولها وتجاه وطنها، فساعدها ذلك على أن تكون فى الصفوف الأولى من الدول المتقدمة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وتكنولوجيا، أما نحن فى مصر فقد غاب عنا الضمير تماما وأصبحنا بلا ضمير، فكل واحد فينا يفعل ما يريده ثم بعد ذلك يتهم الغير بأنه السبب فى إفساد ما حوله، ولم يكلف نفسه أن يراجع ضميره، فقد تكون هناك أشياء صغيرة نستطيع نحن كمواطنين أن نفعلها بضمير قد تؤثر فى حياتنا وفى مستقبلنا وفى نفس الوقت هذه الأشياء لا تحتاج إلى قرار من مسئول أو قانون، وعلى سبيل المثال مشكلة القمامة فى مصر تحتاج إلى تفعيل ضمائرنا فى المقام الأول، فعندما أصلى خلف إمام مسجد ينادى بالضمير والتمسك بالأخلاق الكريمة ويدعو المصلين إلى التعامل مع القمامة بشكل راق وهو يؤكد أنه لا يجوز إلقاؤها فى الشوارع بعيدا عن صناديق القمامة ثم فى اليوم التالى مباشرة أجده يحمل كيسا من القمامة ويقوم بإلقائه أمام إحدى العمارات السكنية بحجة أنه يبحث عن صندوق قمامة فلم يجد.
وعندما تذهب إلى قرى أقصى الصعيد تجد أهلها يشربون مياها ملوثة فبعد تكريرها فى فلتر 6 مراحل داخل المنازل تخرج وما زال لونها متغيرا إلى اللون البنى رغم أن نفس المياه كنا نشربها فى فترة التسعينيات من نفس محطة المياه وكانت مياهاً طبيعية لم تتلوث وكان جميع أهل القرية يشربون منها ولم تحدث لأحد أى أمراض، أما الآن فإن نصف أهل القرى فى الصعيد أصيبوا بالأمراض نتيجة تلوث هذه المياه التى ضاع ضمير المسئولين عن هذه المحطات ولم يكتبوا تقارير تؤكد أنها أصبحت ضارة بالصحة و70٪ من القرى تواجه نفس المشكلة ولا مسئول فى المحافظات  قد تحرك لعلاج هذه المياه حتى تصل صالحة للشرب وتختفى معها أمراض الكلى والكبد وأمراض الجهاز الهضمى، نفس الأمر فى عمليات تسليم القمح، الجميع يتحدث عن توريد كميات وهمية للصوامع وصل حجم انعدام الضمير فيها لما يقرب من مليار جنيه مصرى، وأنا أتحدث عما سمعت من الفلاحين الغلابة فى القرى والنجوع الذين أكدوا لى أنهم لا يستطيعون توريد القمح إلى المسئولين عن الشون إلا إذا كان وزن جوال القمح يزيد على وزنه الحقيقى كيلو أو اثنين تذهب حصيلتها للمسئول عن تسليم القمح بعد أن يقوم بإضافة أسماء وهمية يستطيع أن يحصل من خلالها على الأموال الحرام.
وجميعنا يعلم أنه لا يستطيع أن يذهب إلى مصلحة أو هيئة حكومية قبل أن يكون قد جهز نفسه جيداً لما سيدفعه من أجل إنهاء بعض الأوراق وإلا لن يستطيع أن ينهى أى شىء، حتى سائقو الأجرة سواء كانوا من سائقى التاكسى أو سائقى الميكروباص ينعدم الضمير عندهم فى أوقات الذروة ويستغلون الركاب أسوأ استغلال، وكذلك عمليات الغش الجماعى فى الثانوية العامة وفى الجامعات وجميع المراحل الدراسية كلها بسبب غياب الضمير والأمثال كثيرة جداً كلها تؤكد أن الضمير اختفى وأصبحت الغالبية العظمى من الشعب المصرى منزوع الضمير ولا تتعامل مع ما حولها بضمير حى، فنحن نحتاج إلى هزة عنيفة فى ضمرائرنا، بدءا من المدرسة والأسرة والمؤسسات الدينية والاجتماعية، نحتاج لهزة عنيفة تفيقنا من غفلتنا وتعيد إلينا ضمائرنا مرة أخرى مع ضرورة وحتمية تفعيل القانون على كل شخص بالتساوى ودون تمييز كما هو الآن فى جميع الدول حتى الدول الأقل منا أصبحت تطبق القانون بدون تمييز بين أبنائها، نحتاج إرادة حقيقية لصحوة الضمير من أجل مستقبل أولادنا ومستقبل مصر التى تحتاج منا جميعا صحوة ضمائرنا.