الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
دلع المصريين

دلع المصريين






فى الماضى كانت مصر مقصداً لجميع الجنسيات فى العالم العربى والأجنبى وكانت مقصداً ليس للسياحة فقط بل والإقامة والعمل فيها والاستمتاع بجوها وبخيراتها، فهى أم الدنيا والعالم كله يعرف قدرها، وكل جنسيات العالم كانت فى الماضى تتمنى زيارة مصر والإقامة فيها، فبواب العمارة كان سودانياً والحلوانى كان شامياً والترزى إيطاليا وصاحب المقهى يونانيا والمضارب فى البورصة إنجليزياً والبقال أرمينياً والمهندس أذربيجانياً وبعض التجار كانوا من فلسطين وغيرها من الدول العربية وكانت مصر مقصداً للسياحة الترفيهية والدينية والجميع يأتى لمصر حباً فيها وفى أهلها، وكلهم كانوا يعملون فيها بحب واجتهاد ويتمنون العيش والإقامة فى بلادنا، كانت ملتقى الثقافات والفنون وكل شىء بها جميل ويدعو إلى التأمل، لم يكن فيها تعصب ولا فتنة طائفية ولا إرهاب وتطرف، المسلم يذهب إلى المسجد يؤدى شعائره بكامل حريته، والمسيحى إلى الكنيسة يؤدى شعائره بكامل حريته، واليهودى يذهب أيضاً إلى المعبد، والكل يعمل يداً بيد ما جعل شوارع مصر المحروسة من أنظف شوارع العالم ومبانيها من أهم وأجمل مبانى العالم لتنوع ثقافة العمارة فيها ثم مع قدرة قادر تحولت مصر إلى النقيض فقد هجرها كل من كان يقصدها حتى السائح الأجنبى الذى كان يأتى لزيارة معالمها السياحية لم يعد يأتى، ليس فقط بعد حادث سقوط الطائرة الروسية بل من قبل ذلك من يوم أن بدأنا نحن المصريين فى التعامل مع الآخرين بطرق غير لائقة فهجرها السائحون وأصبحوا يفضلون عليها غيرها من سوء المعاملة التى أصبحت سلوكنا اليومى، بالإضافة إلى حالة اللامبالاة التى أصابتنا جميعاً، وأصبحنا نعتمد على غيرنا فى كل شىء لدرجة أننا نستورد أكثر من 70٪ من احتياجاتنا وأصبحنا فى حالة دلع لا مثيل لها، فهل يعقل أن بلدا عريقاً مثل مصر يمر بحالة اقتصادية صعبة لم تحدث من قبل ومع ذلك نستورد سيارات بـ3.5 مليار دولار ونستورد تونة وكافيار بنصف مليار دولار وملابس داخلية نسائية بـ26 مليون دولار وأثاثاً مكتبياً بـ155 مليون دولار وتفاحا أخضر وكيوى بنصف مليار دولار وموزاً بـ26 مليون دولار وغيرها من السلع الاستفزازية التى قضت على العملة الصعبة لدرجة أن مصدراً مصرفياً أكد أن حجم الاستيراد فى مصر خلال الـ60 شهراً الماضية وصل إلى 300 مليار دولار مؤكداً أن العجز فى الميزان التجارى بلغ 225 مليار دولار، وأن هذه الأرقام والنسب المرتفعة فى الاستيراد والعجز التجارى تفوق احتمال أى اقتصاد ولابد من مواجهتها بأقصى سرعة، مطالباً الأجهزة الحكومية بتحمل مسئولياتها وضرورة العمل على زيادة الإنتاج الوطنى ليحل محل المستورد وخفض الاستيراد خاصة فى السلع الاستفزازية.
لقد أصبح الإنسان المصرى لا يعمل ويعتمد على الاستيراد فى كل شىء فبعد أن كنا نحن الذين نصدر المنسوجات القطنية والجلدية وغيرهما من الصناعات المصرية المشهود لها فى العالم أصبحنا الآن نستورد ملابسنا من الصين وتركيا والجلود من الصين وإيطاليا وغيرهما من الدول، الدلع أصاب المصريين فى كل شىء فهو لا يريد أن يتعب أو يجتهد، والحكومة المسئولة تركت المواطن المصرى لحال سبيله فتحول من إنسان منتج إلى عاطل ينتظر أن يلبس ويأكل مما يأتى له من الخارج.
أفيقوا يرحمكم الله وكفاكم دلعاً نريد عجلة إنتاج حقيقية تفتح المصانع المغلقة وتنشئ مصانع جديدة تستوعب الشباب العاطل وتزيد الانتاج وتقلل الفجوة بين الاستيراد والتصدير.. كفانا دلعاً، الوقت ليس فى صالحنا ولا فى صالح مصر ولا فى صالح مستقبل أولادنا.. يرحمكم ويرحمنا الله.