الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
التناقض العجيب

التناقض العجيب






فى مصر شباب زى الورد اتعلم أحسن تعليم، وتدرب أفضل تدريب فى تخصصه والبعض الآخر ثقف نفسه لكنه لا يحب أن يعمل فى بلده ويرفض فكرة فرص العمل داخل البلاد، البعض منهم يهاجر هجرة شرعية إلى دول الخليج أو حتى دول أوروبا، وبصعوبة بالغة يرضى بأى فرصة عمل ويرحب بها حتى لو كانت بائع صحف فى محطات المترو أو يغسل صحوناً فى الفنادق، وكثير من الشباب مستعد للتضحية بحياته عن طريق الهجرة غير الشرعية التى حصدت أرواح ما يزيد على 17 ألف شاب فى السنوات الأخيرة لقوا حتفهم فى عرض البحر بحثا عن حلم حياة  أفضل. هؤلاء الشباب إذا طلبت منهم أن يعملوا فى مصر يرفضون رفضا باتا، وهناك أدلة كثيرة على ذلك، أعرف أصحاب شركات طلبوا للتعيين عدداً من الخريجين فى وظائف مختلفة فلم يتقدم لهذه الوظائف التى هى فى الأصل تخصصات عادية مثل المحاسبة والإدارة وأمناء مخازن وغيرها من الوظائف فلم يتقدم لها إلا عدد لا يزيد على 20٪ من عدد المطلوبين رغم أن هذه الوظائف كانت مرتباتها تتراوح بين 1500جنيه، و2000 جنيه نفس الأمر فى محافظة الجيزة حكى لى اللواء كمال الدالى محافظ الجيزة عندما قام بحملة إزالة للباعة الجائلين فى شارع العريش بالهرم فوجد ما يزيد على 300 شاب يعملون فى مهنة البائع المتجول وهم فى الأصل يحملون مؤهلات عليا وطلب الاجتماع بهم فى مكتبه وأثناء الاجتماع قال لهم إنه استطاع أن يوفر لهم فرص عمل فى عدد من المصانع بمناطق الجيزة الصناعية سواء فى مدينة 6 أكتوبر أو غيرها بمبلغ يتراوح بين 1500 جنيه و2000 جنيه بالإضافة إلى مظلة تأمينية شاملة على كل فرد إلا أنهم رفضوا نهائيا ووافق ثلاثة أفراد فقط على هذه الفرصة من بين أكثر من ثلاثمائة شاب، رغم أن البعض منهم أكد أن دخله الشهرى من العمل بائعا متجولا فى الشارع يتراوح بين ثلاثة وأربعة آلاف جنيه فى الشهر نظير العمل ما يقرب من 16 ساعة فى الشارع بدون أى حماية من أى جهة حكومية، وعلى النقيض الآخر نجد فى مصر شباباً من سوريا والعراق واليمن يخترع فرص عمل لنفسه ويعمل بتصاريح رسمية، والبعض منهم يعمل فى مصانع وفى شركات ويجتهد وينمى قدراته حتى يصل إلى ما يريد.
عدد كبير من المقيمين فى مصر من الشعب السورى والعراقى واليمنى يعملون الآن بجد واجتهاد ويربحون أموالا تستطيع أن تجعلهم فى وضع معيشى أفضل وبكثير من المصريين لأن حال المصريين أصبح من العجائب، فهم يفضلون الموت فى قارب شراعى وسط البحر من أجل فرصة عمل تهدر الكرامة أو العمل فى الشارع طوال اليوم على العمل فى الشركات والمصانع، فالمصرى يعيش حياة التناقض العجيب لأن الشاب المصرى يريد أن يجنى أكبر قدر من الأموال فى وقت قصير جداً حتى لو كان ذلك على حساب حياته أو كرامته، وبالإضافة إلى أن تطلعات الشباب المصرى وأحلامه أكبر وبكثير من الواقع الذى يعيشه فمتى يفيق هؤلاء الشباب من الأحلام الوردية إلى الواقع الذى نعيشه، لأننا بصراحة فى أشد الحاجة إلى شبابنا الذى سوف يكون المستقبل له فهو الذى يبنى مستقبل هذا البلد والآمال عليه كثيرة، لذلك نتمنى من هؤلاء الشباب أن يكونوا على وعى كبير بما يدور حولنا، وأن يضعوا كل آمالهم وأحلامهم فى بناء هذا الوطن من خلال العمل فى المشروعات الكبرى التى تبنى الآن فى طول البلد وعرضه حتى نعبر هذه الفترة العصيبة التى تمر بها البلاد.. والله الموفق.