السبت 20 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فوضى الفتاوى سببها الفضائيات!

فوضى الفتاوى سببها الفضائيات!






فى عالم ودنيا القنوات الفضائية أصبح كل من «هب ودب» عالمًا وفقيهًا وخبيرًا ومحللا وناشطًا، وليس المهم علمه وفكره ودراسته وخبرته فى مجاله، بل أصبح المهم هو الصوت العالى الذى يدارى الجهل، والزعيق الممنهج الذى يخفى الغباوة!
لكن كله كوم وما يحدث فى القنوات الدينية (عمومًا وعامة) كوم تانى، الكل يفتى والكل يتكلم ولا ضابط ولا رابط لما يقال وأغلب ما يقال ليس إلا دردشة مصاطب وليس كلام فقهاء وعلماء تنحنى لهم الرؤوس والجباه احترامًا وتقديرًا.
أقول هذا بمناسبة قراءتى لهذا الحوار المحترم والرائع مع د. بكر عوض «عميد كلية أصول الدين» جامعة الأزهر السابق الذى أجراه الزميل «نادر أبو الفتوح» الصحفى بالأهرام.
فى هذا الحوار أجاب الرجل المحترم وباحترام عن كل ما يشغل بالك وبالى من أسئلة وتوقفت أمام بعض إجاباته حيث يقول: 
كل فتوى تصدر عن غير متخصص فى العلوم الشرعية ينبغى اعتبارها جنحة يعاقب عليها القانون، مع ضرورة توسيع دائرة المفتين من خريجى الأزهر ومؤسسات الافتاء الرسمية».
وبسؤال: هل البرامج الدينية ساعدت على هذه الفوضى؟! قال: نعم ساعدت على فوضى الفتاوى، بل إنها من وسائل نشر فوضى الفتاوى، والباعث على هذا بالدرجة الأولى هو التربح من خلال المكالمات الهاتفية وانتظار السائل لدقائق تحسب عليه، ثم الاسترسال فى توجيه أسئلة إليه، وقد تكون الإجابة فى أقل من نصف دقيقة، وإذا كنت أنا شخصيًا أقدر قليلاً ممن يظهرون فى هذه البرامج، فإننى أتحفظ على كثيرين منهم ومنهن، فالله لم يعط العلم كله لهذا أو لتلك، حتى يُسأل فى كافة الأحكام الفقهية فيجيب! أو تُسأل فى كثير من الأحكام الفقهية على الهواء مباشرة فتجيب، مع أن بعضهن ليعجزن عن قول الآية من القرآن (!!) كما أن البعض منهم ومنهن يستشهد بأحاديث ضعيفة وموضوعة، وهو يعلم أن الأحكام الشرعية لا تبنى على ضعيف الحديث أو موضوعه، ولهذا يجب شرعًا أن تعد الأسئلة مسبقًا وأن تكتب الإجابة، وأن تتلى على مسامع المشاهدين، ونستثنى من هؤلاء أشخاصًا معدودين من أهل الصدارة فى هذا الميدان يعرفهم القاصى والدانى ولا يتجاوز عددهم ثلاثة أو أربعة!
وأتوقف طويلاً أمام قوله: «صدق أو لا تصدق أن بعض الفنانين والفنانات يصدرون فتاوى، إما فى المسلسلات، وأما فى الحوارات الشخصية بكل جرأة، حيث يحلون ما حرم الله عز وجل، أو يحرمون ما أحل الله سبحانه وتعالى، ولهذا لابد من تصريح رسمى من الأزهر الشريف والأوقاف، بمن يظهر على القنوات الفضائية للرد على الفتاوى، ولابد أن يكون من أهل الاختصاص فى العلوم الشرعية فضلاً عن خبرته وسعة أفقه، وإدراكه لفقه النوازل، وعلمه باختلاف الأمكنة والأزمنة وأحوال الناس».
وأخيرًا يقول د. بكر عوض «فى حواره البديع والمحترم: «إن فقهاءنا قد اتفقوا على أن من امتهن مهنة لم يتخصص فيها يتحمل تبعة الأثر السلبى المترتب على قوله أو فعله. لماذا نأذن لغير المتخصصين بإصدار فتاوى دون سند من شرع أو قانون، إن عدم وجود قانون رادع لكل من يتجرأ على الفتوى هو الذى جعل كثيرين يتصدرون لها. بل إن بعض الرضع فى طلب العلم، ممن لم يبلغوا مرحلة الفطام ما داموا قد انتسبوا إلى هذه الجماعة أو تلك ومضى عليهم فترة من الزمن صار أميرًا ومفتيًا وله السمع والطاعة، وهو لا يعرف أدب الاستنجاء الشرعى».
هذا كلام محترم وأمين من رجل فاهم ومتخصص وعارف بكل ما ينطق به! فلماذا لا نلتفت إليه، وما هو المستحيل فى كلامه ومتى تتخلص الفضائيات من أهل الجهل والظلام والتكفير الذين أصبحوا ينافسون نجوم الفن والسينما والرياضة!.