السبت 20 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أحمد بهاء الدين وفضيحة الزبالة

أحمد بهاء الدين وفضيحة الزبالة






فى أحيان كثيرة أظن أننا أهل الكتابة والكلام.. لا نريد حل أى مشكلة من جذورها حلاً نهائيًا لكى نريح ونستريح!
خذ أى مشكلة معقدة أو تافهة سنجد أننا نعشق الكلام عنها ونظل نصرخ ونلطم الخدود حتى تظهر مشكلة جديدة فنترك المشكلة القديمة لنبدأ وصلة الصراخ والزعيق والولولة من المشكلة الجديدة!.
وليس سرًا أننا فى مصر نعانى مشكلة القمامة «الزبالة»! ومنذ سنوات طويلة ونحن نصرخ بشأنها، المواطن يصرخ والحكومة تلطم.. ولا أحد يريد إنهاء هذه المشكلة البسيطة جدًا..
فضيحة الزبالة ليست فضيحة اليوم بل هى فضيحة تمتد لسنوات طويلة مضت، ولا حياة لمن ينادى!
قبل 42 سنة وبالتحديد فى شتاء سنة 1974، كتب الأستاذ «أحمد بهاء الدين» فى الأهرام سلسلة من المقالات وكلها تناقش هذه المشكلة التى ما زلنا نناقشها بمتعة ودهشة واستغراب حتى الآن.
فى أحد هذه المقالات كتب يقول: «عدم النظافة» وما أدراك ما النظافة ولا يقول أحد إن هذه المسألة ثانوية، ولا يقول أحد إن الفقر سببها الوحيد، لم يكن عبثًا أن الصين جعلت القضاء على الذباب حملة وطنية شاملة كالقضاء على الاستعمار! ويقول لك زائر الصين: المشكلة الكبرى فى الدخول هى الشهادة الطبية والخلو من أى مرض» وقد ذهبت إلى بلاد اشتراكية كثيرة حين كانت فقيرة ولكنها نظيفة إلى أقصى حد!
النظافة عادة قومية .. ولكن كيف نزعم أننا نعلم الناس ومؤسسات الدولة ذاتها اية فى القذارة، من المدرسة إلى المحكمة، من الوزارة إلى المؤسسة، ولا تقولوا: قلة اعتمادات وقدم المبانى! إن قدم المبانى غير النظيفة ومرافقنا العامة الجديدة من سوء نظافتها وصيانتها كالقديمة والأيدى العاملة زائدة، أجور ولا عمل.
ويضيف الأستاذ «بهاء» فى إسرائيل حكمت إحدى المحاكم ضد صاحب بيت لأنه يجعل الزبالة تتراكم فى حديقته الخلفية.. صحيح أنها حديقته وبيته ولكن هذا يسىء إلى الصحة العامة والنظافة العامة فى الحى كله!
فما بالنا بأكوام الزبالة المتراكمة فى الطرقات العامة وأمام البيوت والدكاكين وإلقاء ما نلفظه فى الطريق العام، لا تخلو مدينة مصرية أو عربية من هذا المنظر الكريه، روح فردية قد يهمها نظافة بيتها لكن الملك المشاع لا يهم أحدًا مع أنه يؤثر فينا!
الدولة عليها هنا واجب ولا تقولوا: قلة الاعتمادات، فلدينا أيدى عاملة تأخذ أجرها بدون عمل، ولا تقولوا: قلة فى الناس! فمن الكناس إلى المراقب لدينا مئات الآلاف من السعاة والمقيدين على كشوف الرواتب لمجرد أن يتكوموا على أبواب الموظفين أو لأن يجلسوا على المكاتب!
فهنا معركة ميدانية لنظافة مدننا! ثم أن هناك قوانين عامة للنظافة لا تنفذ، وإذا نفذت فهى قوانين كسيحة، إلقاء قاذورات لا يمكن أن يكون قضية لها ملفات ومحاكم ومحامون! إنما يجب معاملتها معاملة مخالفات السيارات مجرد إثباتها بواسطة المختص كاف لتوقيع العقوبة واقعيًا! ثم هناك النظافة فى المرافق العامة من المدرسة إلى المحكمة والتشدد فيها حتى يتعود المترددون عليها بالملايين.
إن النظافة قيمة فى حد ذاتها وأنها ليست ترفًا وليست مقصورة على داخل بيوتنا فحسب، وأن القذارة تؤذى العين وتؤذى الصحة وتؤذى الاقتصاد وتدمر السياحة.
ليس من السهل أن نقول ما فيش فايدة! ولكن الحقيقة إنه لا توجد كلمة أبعد عن الواقعية من هذه الكلمة، فالإنسان كائن قابل للتطوير والتغيير المهم هو عدم الاكتفاء بالوعظ والإرشاد وأن نستبدل به البحث عن وسائل وأساليب وإجراءات؟! والحساب والعقاب ضروريان فى كل بيئة!
لماذا نفس المواطن الذى يلقى القاذورات ويخالف القواعد ويرفع صوته فى الشارع هنا؟! لا يفعل ذلك حين يسافر إلى أوروبا مثلا؟! لأنه يشعر بأن هناك قواعد الكل يحترمها والقانون سيطبق عليه ولكنه لو اتبع القواعد عندنا لصار هو الشذوذ لا القاعدة».
انتهى كلام الاستاذ «بهاء» ومازلنا بعد 42 سنة ولت وعجن ولف ودوران نبحث مشكلة الزبالة التى هى فضيحة كل يوم فى حياتنا!