السبت 20 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أهل «الفيس» يا ليل!

أهل «الفيس» يا ليل!






ليس بينى وبين التكنولوجيا الحديثة أى عمار!
دخلت عالم المحمول والموبايل بعد ظهوره بنحو عشر سنوات رغم أنفي، والتحقت بدنيا «النت» بعد سنوات طويلة، واشتريت موبايل «تتش» بعد ظهوره بسنوات، ومنذ مائة يوم بالضبط دخلت عالم «الفيس بوك» ولم أكن أدرى ما هو بالضبط؟!
وقبل دخولى هذا العالم العجيب لاحظت شيئا أثار دهشتى فى كل مكان تواجدت فيه، وهو أن الكل ملخوم وسارح وغرقان مع «الفيس» لا كلام ولا حديث، حتى لو كانوا عشرة أشخاص فلا كلام على الإطلاق، ويتكرر نفس الشىء مع أقاربى، الكل مشغول فى عالمه الافتراضى غير المرئى!
حتى جاء يوم واستطاع ابن شقيقتى «ماريو مدحت» الطالب الجامعى أن يقنعنى بدخول هذا العالم، وفى لمح البصر أصبحت عندى «صفحة» لكن المصيبة كانت كيف أتعامل معها؟! كيف أدخلها بسلام؟! كيف أكتب جملة من ثلاث كلمات؟! كيف أرد على من يتواصلون معى!
وظل «ماريو» يتعامل معى مثل أى تلميذ «بليد» بطىء الفهم وبعد ساعات طويلة فهمت الحكاية إلى حد معقول، وفى الأيام الأولى بهرنى العالم الجديد، ناس جد جدا، وناس تافهة جدا، ناس غاوية هزار بايخ، وناس لا يعجبها أى شىء، أما الأغرب والأعجب فهؤلاء البشر الذين يرون كل شىء أسود فى أسود وهباب فى هباب!
أما أعجب سكان «الفيس» فهم شريحة أعطوا عقلهم إجازة طويلة يكتبون أى شىء ويصدقون كل شىء، بل يسارعون إلى تشيير هذا الهراء ليشاركهم الآخرون هذا الهراء والسخف!
وهناك نوعية أخرى يبدو من سطورها التى تكتبها أنها «يا دوب بتفك الخط» بدليل كل هذه الأخطاء الإملائية ومع ذلك تستعين بعبارات «سارتر» و«أرسطو» و«ماركيز» و«البحترى» و«أبو تمام»، حتى إن بعض «الفسابكة الظرفاء» سأله: هل تعرف من هو «أبو تمام»؟! فقال له: ده واحد مشهور عنده ولد اسمه «تمام»!
ولأن «الفيس» ساحة لكل من هب ودب، يستحق أو لا يستحق فقد تحولت لساحة من الجهل النشيط، مع أى أزمة أو مشكلة من الأرز إلى السكر إلى السيول، يتحول الجميع إلى خبراء ونشطاء ومحللين يفهمون فى كل شىء، وتنهال «اللايكات والإعجابات» من كل حدب وصوب! بلا تفكير أو التمعن قليلا فيما يقرأه!
أحد اللطفاء - وبمناسبة السيول - كتب يطالب الحكومة بتحويش هذه المياه فى أبيار نحفرها أو الزجاجات الفارغة التى نرميها مثل زجاجات المياه الغازية والزيت والخل! ولا تتصوروا حجم الإعجابات والتعليقات بهذا الاقتراح!
أما العجب العُجاب فهو طرح ومناقشة الأمور الشخصية على الفيس ومشاركة «الفسابكة» والإدلاء برأيهم من نوعية الست «زهرة الحنين» أو الأخت «نداء الأحزان» التى تشكو من الفراغ العاطفى واليتم الرومانسى! وافتقاد الدفء الإنسانى.. وغيره وغيره!
يكفى حضرتك أن تكتب جملة واحدة لتجد المئات وربما الآلاف يهتمون بها ويعجبون بها، وكأنك حكيم الزمان وسلطان الحكمة وأمير الدهاء والذكاء فى حارتك أو شارعك!
وفى وسط هذا الفيس الفسيح يتسلل دعاة هدم الأوطان وبث الفرقة والخوف فيبثون الشائعات والأكاذيب والسفالات والسباب والشتائم! ما كل هذا الكم من السباب والشتائم بالأب والأم وكل ما يخطر على بالك؟! ما كل هذه المجارى الطافحة فى وجوهنا؟!
وأظن أن «الفيس بك» كأى نشاط إنسانى يضم الصالح والطالح، السفهاء و العقلاء، الفاهم والجاهل، العاقل والسفيه، فكن عاقلا محترما، صالحا لمن حولك، حاول أن تكون مفيدا لنفسك وللآخرين، لا تتورط فى شتيمة أحد أو تكفير وتخوين من يخالفك فى الرأي.
يا أعزائى - يا كل بتوع الفيس - ارحموا من فى الأرض، يرحكم من فى السماء!