السبت 20 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فضائيات البنطلون الديمقراطى والقميص الليبرالى!

فضائيات البنطلون الديمقراطى والقميص الليبرالى!






طبعا حضرتك ديمقراطى ونص! وحضرتى ديمقراطى ونص!
طبعا حضرتك تقدس حرية الرأى، وحضرتى كمان يقدس حرية الرأى!
طبعا حضرتك تؤمن بشعار الرأى والرأى الآخر، وأنا كمان حضرتى يؤمن بشعار الرأى والرأى الآخر زيك تمامًا!
وطبعا حضرتك من جماعة تؤمن بعبارة «الخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية» وأنا كمان حضرتى يؤمن بصحة هذه العبارة!
لكن حضرتك عايزة «الجد» ولا ابن عمه؟! إذا كنت عايز الجد بجد ومن غير لف أو دوران لا حضرتك ولا حضرتى نؤمن أو نعتقد فى كل العبارات السابقة، والكلام الكبير النخبوى الذى نقوله ونلوكه إذا كان فى مصلحتنا ويحقق أهدافنا وأحلامنا!
وعبر حوالى أربعين عاما من العمل الصحفى الاحترافى (من محرر تحت التدريب إلى رئيس تحرير) تأكد لى هذا المعنى تماما وأستطيع أن أروى مئات القصص والحكايات لأسماء لامعة تهتف بشعارات وتفعل عكسها تماما، تهاجم المحجبات فى المقالات وشاشات الفضائيات بينما زوجاتهن وبناتهن وأقاربهن يرتدين الحجاب. أعرف من انتقدوا برامج تليفزيونية فلما أرسل أصحاب البرنامج ردا لم ينشروه ووضعوه فى صفيحة زبالتهم! أعرف كل ذلك لكن الحياء يمنعنى من ذكر الأسماء!
لن أحكى عن فلان النخبوى الذى يسخر فى جلساته من بعض البرامج لضحالتها وسطحيتها ثم أفاجأ به ضيفا على هذا البرنامج يلت ويعجن!
وأعرف الناشطة الثورجية الممتلئة حماسا وسخافة وهى تلعن المذيعة الفلانية لأنها بلا مخ ثم أشاهدها معها فى برنامجها تشيد بعقلها ومخها وتسريحة شعرها وأفكارها التى تخدم الوطن!
وأعرف المثقف الذى كان يطالب فى مقالاته بمنع عديمى الموهبة والكفاءة من الظهور على الشاشات وتقديم برامج لأنهم بلا خبرة أو كاريزما لأفاجأ به يقدم برنامجا بطعم السخافة والبواخة!
ما أكثر الذين هاجموا الزملاء الإعلاميين بقسوة وعنف - وربما كانوا على حق - ثم تفاجأ بظهورهم مع هؤلاء الذين شتموهم فى الصباح ليظهروا معهم فى الصباح!
وما أكثر الذين شتموا وهاجموا وانتقدوا أصحاب المحطات من رجال الأعمال وطالبوا الدولة بعدم تقديم تسهيلات لهم، ثم سرعان ما أصبحوا من نجوم هذه المحطات!
لعلك تعرف وتشاهد هذا المذيع أو تلك المذيعة التى تنتقد الحكومة على كل شىء وأى شىء ولا تستطيع أن توجه كلمة واحدة لصاحب المحطة حتى لو كان متعثرا ولا يستطيع دفع رواتب العاملين فى محطته لشهور طويلة!
وأظنك تعرف أن غالبية المعدين ورؤساء التحرير فى هذه البرامج - من زملائنا الأفاضل فى الصحف القومية والخاصة والحزبية - لكنك لن تجد كلمة نقد أو انتقادًا لهذه المحطة وبرامجها وأصحابها على الصفحات التى يحررونها فى الصحف التى يعملون بها!
ولعل أوضح مثال لما أريد أن أقوله باختصار ودون لف أو دوران هو «المصالح تتصالح» فإذا تعارضت المصالح لا بأس أن ترتدى «بنطلون ديمقراطى وقميص ليبرالى وبلوفر علمانى» حسب الطلب، أما إذا تعارضت المصالح وتناقضت فلتسقط كل المبادئ والشعارات والكلام الكبير.
للأسف الشديد لا يهمنى أو يهم المشاهد الهجوم الكاسح على مذيع لأن دمه ثقيل أو سمج، بل يهمنى الهجوم على مضمون وأفكار ما يقدمه! ولا يهمنى أطنان المديح والإعجاب فى وسامة مذيع وشياكة مذيع بل يهمنى وسامة الأفكار وشياكة ما يقال!
لكن ما يحدث عكس كل ذلك، فليس الهجوم لوجه الله، أو حتى الإعجاب لوجه الله، ليس المهم بنطلونك الديمقراطى بل مصلحتى ومصلحتك فين؟!