الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأمّر من الدواء

الأمّر من الدواء






ندرة أى سلعة غذائية أمر صعب ومحير ومربك للأسواق، ويحير الرأى العام ويطلق العنان لأصحاب الشائعات وصفحات السوشيال ميديا، والفضائيات المغرضة، خاصة الفضائيات وصفحات النت التابعة للجماعة الإرهابية لخلق جو عام ملىء بالتشاؤم.
أما إذا تعلق الأمر بالدواء ومحاليل الغسيل الكلوى، فالأمر فى النهاية متعلق بحياة إنسان قد يموت فى أى لحظة، فأى إنسان يستطيع أن يتغلب على نقص السلع أو اختفائها بإيجاد البديل أو حتى بالاستغناء عنها لكن الدواء لا يستطيع أى إنسان الاستغناء عنه أو التوقف عنه، وهنا فالأمر جد خطير ويحتاج إلى وقفة، فبعد تحرير سعر الصرف وصلت أزمة نقص عدد كبير من الأدوية إلى طريق مسدود، خاصة بعد أن أكد وزير الصحة أنه لا رفع لأسعار الدواء رحمة بالمرضى، بينما تساءلت شركات صناعة الدواء بأنها كيف تستمر فى إنتاج الأدوية بخسائر فادحة والبعض توقف عن الإنتاج بالفعل، وبعض مخازن الأدوية  وأصحاب الصيدليات توقفوا عن بيع أنواع معينة من الأدوية انتظاراً للأسعار الجديدة التى حتما ولابد أنها سوف تزيد أسعارها، والبعض منهم سارع من تلقاء نفسه ورفع السعر دون ضابط أو رابط، بينما المرضى يصرخون نتيجة لعدم توافر الدواء أو لارتفاع أسعاره بشكل مبالغ فيه، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة واختفت مع الأدوية المستلزمات الطبية.
وقد أكد وزير الصحة الدكتور أحمد عماد أنه تم التعاقد على شحنة أدوية مستوردة بعد تخصيص 600 مليون جنيه سنويا تتحملها الدولة لسد التكلفة الزائدة فى جلسات الغسيل الكلوى بالمراكز الخاصة، فى المقابل أكدت رابطة شركات الأدوية الأجنبية العاملة فى مصر فشل اجتماعها مع وزارة الصحة، وطالبت بإنشاء هيئة علمية للدواء فى مصر، وطالبت بضرورة الشراء الجماعى للمستلزمات الطبية المستوردة لتخفيض التكلفة، كما طالب البعض بضرورة زيادة المكون المحلى للأدوية وللمستلزمات الطبية لتخفيض الأسعار، وبعد كل هذه الخلافات والقرارات المتضاربة من يحل أزمة الأدوية فى مصر؟ ومن ينقذ المرضى الذين تتعرض حالاتهم يوما بعد يوم للخطر؟ أعرف عدداً من المراكز الطبية المتخصصة فى طريقها للإغلاق، خاصة بعد أن ارتفع سعر الأدوية، لدرجة أن أصحاب هذه المراكز يخشون أن يعرضوا السعر الحقيقى على المريض فيموت من هول المفاجأة، وعدد كبير من هذه المراكز فوجئ بأن المرضى فضلوا الجلوس فى منازلهم انتظاراً للأمرّ من الدواء وهو الأجل المحتوم بعد أن باعوا كل شىء ولم يستطيعوا أن يدفعوا ثمن الدواء فسلموا أنفسهم لله سبحانه وتعالى.
وعدد كبير من العاملين فى بعض المراكز الطبية الخاصة تركوا أعمالهم واتجهوا لأعمال أخرى، منهم ممرضون على درجة كبيرة من الخبرة أحدهم ترك عمله ويعمل الآن سائقاً على توك توك، وآخر كان يدخر مبلغا من المال فاشترى سيارة خاصة والتحق بشركة أوبر للعمل عليها وبذلك فقدنا خبرات فى التمريض بجانب أننا تركنا المرضى لحال سبيلهم انتظاراً لزيارة عزرائيل لهم.
الحل فى نظرى ونظر الجميع فى انعدام الضمائر وخراب الذمم فهناك مخازن أدوية ضخمة فى كل مكان ترفض بيع ما لديها للمستشفيات والمراكز الطبية الآن إلا بأسعار فلكية، فعلى سبيل المثال هناك محلول كان ثمنه ثمانية جنيهات فقط بمجرد أن تم تحرير سعر الصرف رفعت الشركات ثمنه إلى ثمانية وثلاثين جنيها بزيادة ما يقرب من خمسة أضعاف ثمنه دون أن يعرف أحد السبب رغم أنه إنتاج محلى ولا يتم استيراد أى شىء من مكوناته، والسبب فى ذلك خراب الذمم وانعدام الضمير، وأصبح المواطن البسيط ينتظر الأمرّ من الدواء وهو الموت المحقق.
وعلى الحكومة التدخل السريع وتشكيل إدارة أزمة حقيقية لحل هذه المشكلة على الفور، فهى أكبر بكثير من ارتفاع ثمن السكر أو الرز والزيت وهى أهم بكثير من تحرير سعر الصرف لأن حياة ملايين من المرضى فى خطر، خاصة الأمراض المزمنة مثل الفشل الكلوى والكبد وأمراض السكر والضغط وغيرها من الأمراض التى تفتك بأصحابها، وحتى تعود مصر كما كانت فى الماضى ملتقى طبيا لكل المنطقة العربية والله المستعان.