السبت 20 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
يا أهل الفضائيات ارحمونا قليلا!

يا أهل الفضائيات ارحمونا قليلا!






كم من الجرائم التى ترتكب باسم حرية الإعلام، وحرية الرأى وحرية الإبداع وحرية التفكير!
عشرات بل مئات الجرائم يتم ارتكابها فى حق هذا الوطن ومواطنيه باسم هذه الشعارات الرنانة الطناطة التى يتكسب ويتربح منها كل من يتبناها ويطلقها فى وجوهنا!
ولو جرؤ واحد منا على الاعتراض على هذه المسخرة والسفاهة التى ترتدى قيمص الحرية وبنطلون التفكير وجاكت الليبرالية وكوفية الحداثة لهبوا فى وجهه بالسباب والشتائم!
أغلب برامج الفضائيات أصبحت بمثابة دروس يومية مجانية للمشاهد فى علوم التفاهة والسفاهة وتغييب العقل والوعى والانتصار لقيم الفهلوة والهمبكة والشذوذ الفكرى والعقلي!
توارى نجوم الفكر والأدب والسياسة من أصحاب العقول المحترمة، ليحتل شاشة البرامج هواة الشهرة السريعة من أصحاب الهلاوس السياسية والدينية والفكرية!
أصبح هدف أى برنامج الآن يناقش كل ما هو خايب ونايب وعبيط ويستضيف صاحبه أوصاحبته ليناقشه ويحلل معه عبطه وهطله وجهله العصامي!
ولو حدث ونجح أحد المشاهدين فى الاتصال بالبرنامج الخايب وضيفه الأخيب منتقدا ما يشاهده ويسمعه من خيبة بالويبة فسوف يستمع للعبارة الخالدة المزيفة من الأفندى المذيع أو الهانم المذيعة يقول له:
الفكر لا يواجه إلا بالفكر، والحوار لا يواجه إلا بالحوار!
أى فكر وأى حوار فى برنامج يناقش موضوعات من عينة «من أكثر عبطا المرأة أم الرجل؟!» أى فكر وأى حوار فى برنامج يسخر من رموز دينية ويتهمها بالجهل والظلامية؟! أى فكر وأى حوار فى برنامج تخصص فى موضوعات الجن والعفاريت والربط والفك والتطويل والتكبير؟!
أى فكر وأى حوار وأى عقل رشيد فى برنامج يناقش حيثيات حكم قضائى بل يطالب بعدم تنفيذ أحكام القضاء؟! بل أى فكر وأى منطق فى نخبة تحتل الشاشات وتهلل لأحكام القضاء  التى توافق مزاجها السياسى والحزبي، وتهاجم الأحكام التى لا تتفق مع مواقفها السياسية!
إنها الانتهازية بامتياز! تقوم بها النخبة والنخبجية ليقع فى براثنها غالبية المشاهدين!
لا توجد مهنة واحدة إلا ويتم تشويهها والتحقير من شأنها؟! ولا يوجد مسئول كبير أو صغير إلا ونالته عبارات التقصير والهجوم بغير دليل أو معلومة أو سند من الحقيقة!
وما أكثر الأسماء التى كنا نتابعها بشغف ونقرأ لها باهتمام، فلما ظهرت فى برامج الفضائيات انساقت إلى نفس تفاهة وسطحية مضمون هذه البرامج التى تجرنا إلى الوراء سنوات وسنوات!
ضاعت أناقة الكلمة المكتوبة وشياكتها أمام عدسات وأضواء بلاتوهات الفضائيات! توارى الفكر والتفكير وحل محلها الهطل والتفكير والتخوين والاستهانة بكل ما هو عاقل ومحترم!
لقد توقفت أمام ما قاله أستاذنا وعالمنا الكبير بحق الدكتور «أحمد عكاشة» عندما صرح فى حوار تليفزيونى منذ فترة: «الإعلام انفلت زمامه وغابت ثوابته وأصبح لا يفرق بين الظواهر والمواقف والأشياء، بل إنه يتحدث عن الحريات ويمارس التسلط، ولا يفرق بين صراع الأفكار وصراع المصالح».
ألا يدعو اعتراف د. أحمد عكاشة إلى التوقف قليلا ومحاولة دراسة ما تفعله هذه الفضائيات وبرامجها على عقلية ونفسية ملايين المشاهدين بدءا من ترويج الأوهام والخرافات إلى الكذب والنصب باسم السياسة والوطنية!
يا أهل الفضائيات ارحمونا يرحمكم الله!