الثلاثاء 30 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مصر الحضارة لا تهزها أفعال البداوة!

مصر الحضارة لا تهزها أفعال البداوة!






يبدو أن هناك بعض الدول ما زالت لا تعرف قيمة وثقل مصر، ولم تقرأ التاريخ المصرى جيدًا، لتعرف أن مصر على مدى عمرها المديد لها باع فى إفريقيا، وأن أغلب حركات التحرر من الاستعمار ـ داخل القارة السمراء ـ كان لمصر دور قوى فى مساندتها حتى تحررت أغلب دول إفريقيا من الاستعمار.
أما دول حوض النيل التى تشترك جميعها فى شريان واحد ـ وهو نهر النيل الخالد ـ  فلديها تاريخ طويل من الوحدة ومن العادات والتقاليد والحضارة الممتدة لآلاف السنين، عكس بعض الدول التى لا يتعدى تاريخها 50 عامًا، والتى ظهرت على السطح فى السنوات الأخيرة محاولة بكل الطرق أن تعبث فى مقدرات بلدنا، لكنها لم تستطع حتى الآن، فوجدت ضالتها فى سد النهضة الذى تقيمه إثيوبيا من أجل تنمية قدراتها فى الطاقة الكهربائية.
فمنذ الشروع فى بناء سد النهضة ونحن نجد مصر والسودان وإثيوبيًا فى مفاوضات وأبحاث حول تأثير هذا السد على دولتى المصب ـ مصر  والسودان ـ خلال فترة تخزين المياه، والتى يمكن أن تؤدى إلى جفاف الأراضى فى مصر تحديدًا، ورغم مشقة المفاوضات حتى الآن والتخوف الذى تشعر به مصر إلا أن الأمل مازال موجودًا لكن الغريب فى الأمر أن بعض الدول التى تختلف مع مصر، وجدت ضالتها فى زيارة سد النهضة ومباركته وتشجيع إثيوبيا على بنائها، بل بناء سدود أخرى، ظنًا منها أن ذلك سوف يحرك مصر ويخيفها من المستقبل!
تلك الألعاب الصبيانية لا تخرج إلا من الصغار، لأن ذلك لن يحرك مصر ولن يستفزها زيارة مسئول من دولة شقيقة أو صديقة ـ أو حتى دولة عدوة ـ لسد النهضة، لأن مصر تعرف جيدًا ماذا تريد وماذا تفعل.
والسؤال الذى يطرح نفسه: لماذا فى هذا الوقت بالذات بدأت الزيارات لسد النهضة؟ وانتهاز فرصة التوتر فى العلاقات بين مصر وهذه الدول لزيارة إثيوبيا ومباركة السد؟
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أبدى مسئولو هذه الدول أثناء الزيارة الرغبة فى المساهمة فى أعمال التنمية بكل إمكانياتهم، لكن فى الحقيقة هذه الألاعيب المكشوفة سوف تبوء بالفشل، لأن مصر أكبر من ذلك بكثير.
إن السياسة الخارجية المصرية واضحة للجميع، فهى لا تخضع لقرارات أحد، وأن قرارها مستقل، وأنها لن تستغل أى خلاف مع أى دولة شقيقة لتستعين بدولة أخرى على خلاف مع هذه الدولة، كإيران مثلاً، التى تطالب ليل نهار بإعادة العلاقات مع مصر، وهى مستعدة أن توفر لمصر احتياجاتها من البترول والغاز اللذين تحتاجهما مصر، وتستوردهما من الخارج.
البعض يتساءل: لماذا لا تفعل مصر مثلما فعلت هذه الدول الصغيرة، بأن تقيم علاقات مع دولة مثل إيران لتكوين محور قوى فى المنطقة من الممكن أن يتشكل مع دول أخرى؟ والاجابة: هناك فارق كبير جدًا بين مصر وبين هذه الدول الوليدة، فمصر أكبر بكثير  من هذا الأعمال الصبيانية، ولن تفعل ذلك حتى وإن كان التقارب مع إيران سوف يخفض الضغط عليها، فمصر الكبيرة تعمل الف حساب لشعوب الدول الشقيقة ـ حتى المارقة منها ـ والتى سوف تعرف جيدًا فى القريب العاجل مدى الخطأ الجسيم الذى وقعت فيه عندما قاطعت مصر وبدأت تتحالف مع دول تتوهم أنها فى حالة عداء مع مصر.
إن بلدنا على مدى تاريخه لم يتوقف عن دعم دول القارة السمراء، بما فيها إثيوبيا التى اقمنا بها العديد من المشروعات الخدمية والتنموية، التى ستظل شاهدة على مدى أهمية هذه العلاقات التاريخية بين دول وادى النيل.
على جميع الصغار أن ينظروا إلى أنفسهم فى المرآة جيدا ليعرفوا قدر التقزم الذى هم فيه، وعليهم أن ينظروا إلى مصر بعد أن يراجعوا تاريخهم وينظروا لتاريخنا، مصر بلد الحضارة، هى من علمت العالم الاستقرار والبناء، ومن يشب على الحضارة والتحضر لا يهتز من أفعال البداوة الجاهلة.
إلى هؤلاء: أفيقوا!