السبت 20 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إحسان ورئيس جمعية اليد الخفية!

إحسان ورئيس جمعية اليد الخفية!






لم يكتف الأستاذ الكبير «إحسان عبدالقدوس» منذ أن أصبح رئيسا لتحرير مجلة «روزاليوسف» أواخر سنة 1945 عقب خروجه من السجن بكتابة المقالات السياسية فقط، بل تناول كل الأمور الأخرى بشكل مستمر فى بابه الأسبوعى «الأسبوع حوادث وخواطر».
فى هذا الباب المهم والمثير كشف إحسان لأول مرة عن خطابات كانت تهدده بالقتل، ونشرها وشرح خواطرها عندما تلقاها.. وبعد أسابيع من نشره لهذه الخطابات، عاد لينشر تهديدا آخر تلقاه بالقتل، وتحت عنوان «رهان» روى حكاية خطاب التهديد ومشاعره كإنسان وكتب:
وصلنى هذا الأسبوع خطاب آخر من خطابات التهديد الذى يشرفنى بها الوفديون وهذا هو نص الخطاب:
ج1- حضرة إحسان عبد القدوس رئيس تحرير مجلة روزاليوسف الغراء:
الآن وقد حان الوقت واقتربت ساعة العمل، بنسف دار الجريدة بمن فيها بالقنابل بنوع جديد قد يحدث ضجة شديدة فى الدوائر بما له من خطورة!
فلا بد من نفاذ هذا الأمر، ولا بد منه مهما كلفنا الأمر! وسيتم هذا عن قريب عاجل!
ج2: اعدلوا عن سيادتكم التى....؟!
رئيس جمعية اليد الخفية!
هذا هو نص الخطاب الذى وصلنى، وهو مكتوب على ورق من أوراق الامتحانات التى توزع على الطلبة، ولا بد أن كاتبه طالب تافه خيبان بدليل أسلوبه الركيك وأخطائه النحوية والإملائية..
وقد نشرته لأهميته، بل لأقنع «عبود باشا» - المليونير الشهير - وأصحاب دور السينما والزملاء الصحفيين الذين يتسلمون مثل هذه الخطابات - بأنها أحقر من أن يبلغوا عنها النيابة، وأن مرسليها كلهم جبناء لا يجرءون على التعبير عن رأيهم إلا وهم مختفون وراء سطور ساذجة فى خطابات غفلة من الإمضاء.
وقد أثبت العلم الجنائى وتقسيم الجرائم السياسية أن الذى يقتل أو ينسف لا يرسل أبدا خطابات تهديد، الذى يرسل خطابات لا يقتل ولا ينسف أبدا!
وقد تعودت أن أتخيل شخصيا صاحب الخطاب من بين سطور خطابه، وقد تخيلت كاتب خطاب التهديد فى صورة شاب مراهق أصفر الوجه، لا شخصية له، مصاب بمرض الخجل والانزواء عن الناس فلا يستطيع أن يجالس الكبار، ولا أن يشترك فى حديث، ولا أن يدلى برأى، وقد عوده أبوه فى صغره أن يخاف ويفزع منه!
وربما كان يضربه بقسوة فنشأ وهو يكره ويحقد على أبيه، فكرهه وحقد على كل رجل آخر يحس فيه قوة لا يتمتع بها، وسلطة لم تكن أبدا بين يديه!
وهو مع كل هذا يحلم بأن يكون بطلا، وأن يكون قويا ذا شخصية، ولكنه لا يستطيع لضعفه وسواد قلبه أن يحقق أحلامه، فيلجأ إلى خطاب تهديد يكتبه ليقنع نفسه بأنه بطل ويرسل به إلى أى شخص يتصور فيه النجاح الذى يغار منه!
وهذا هو رأيى الشخصى فى حضرة الفاضل التافه رئيس جمعية اليد الخفية فليتفضل حضرته بنسف دار الجريدة - كما جاء فى تهديده - إذا لم أكن على حق فيما كتبته عنه!
أما إذا لم ينسف الدار فى خلال يومين من صدور هذا العدد، فليكن هذا برهانا يطمئن به كل من وصلتهم خطابات تهديد، وليكن هذا برهانا على أن حملة الفزع التى يحاول البعض إثارتها فوق رأس مصر هى حملة كاذبة تافهة حقيرة.
وإنى أكتب هذا مراهنا بحياتى وحياة من يعملون معى فى الدار، وكلنا ثقة من أنه سيكسب الرهان، وأن الله سيمد فى أعمارنا لنطأ أمثال كاتب هذا الخطاب بكعب الحذاء.. انتهى خطاب إحسان!
لكن الأخطر من ذلك كله - أنه فيما بعد - فقد تعرض إحسان بالفعل لأربع محاولات اغتيال كان من بينها محاولة الملك فاروق نفسه بعد الثورة!
ولا تنتهى حكايات «إحسان عبدالقدوس»!