السبت 20 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
يا فضائيات ضحكت من جهلها الأمم!

يا فضائيات ضحكت من جهلها الأمم!






توقفت طويلا أمام معلومة مهمة وخطيرة جاءت فى سياق المقال البديع للأستاذ «محمد أمين المصرى» بصحيفة الأهرام (25 فبراير) من المؤرخ الراحل «محمد بن راشد آل مكتوم» نائب رئيس دولة الإمارات الشقيقة، وحاكم «دبى» الذى قال أثناء انعقاد مؤتمر القمة العالمية للحكومات: إن الإعلام المرئى العربى استنزف نحو ثلاثين مليار دولار! فى تأسيس ألف وثلثمائة محطة فضائية، يحرض معظمها على الثورات وبعضها طائفى لا يبث سوى الفتن والاضطرابات!
وجاء فى المقال أيضا: «وفات العرب استغلال تكلفة تأسيس هذه القنوات لإنشاء المدارس والجامعات والمراكز العلمية وتشغيل الشباب العاطل ربما كان حالنا اليوم أفضل! وكنا تجنبنا ثورات الشعوب ضد حكامها، وما تلاها من مكائد وفتن، كما كنا تجنبنا تأسيس «داعش» وأخواتها فى البلاد العربية.
تمارى العرب فى إنفاق كل هذه المليارات على الفضائيات الفارغة لإلهاء الشعوب عن التفكير فى معاناتها وتخلفها، ولم تتوقف المشكلة عند رجال الأعمال فقط، لأن الحكومات ذاتها شاركت فى هذه المهزلة، وسارعت فى تأسيس مجموعات فضائية لن يستفيد منها الشعوب، اللهم سوى مشاهدة برامج ضحلة ومملة ومكررة ولكن بعناوين جديدة.
واتفق تماما - وابصم بالعشرة - مع كل ما جاء فى المقال، ولا أنكر صدمتى البالغة من رقمين فى هذا المقال وهما حجم الأموال التى تم انفاقها وهو «ثلاثين مليار دولار» وعدد الفضائيات وهو ألف وثلثمائة قناة ولا أعرف بالضبط كواليس إنشاء كل هذه الفضائيات؟! وما هى تكلفة إنشاء كل محطة؟! وما الذى قدمته طوال سنوات تأسيسها وحتى الآن؟!
إن الشىء المؤكد أنها قنوات تخسر ولا تحقق ربحا! سواء كانت خاصة أو حكومية؟! فكيف تستمر رغم الملايين التى تخسرها؟! وما هو الهدف من بقائها ووجودها؟! وأفهم تماما تحمل الحكومات لخسارة القنوات التى تنشئها لخدمة أهدافها وأغراضها السياسية؟! لكنى لا أفهم كيف يخسر رجال الأعمال الملايين من أجل قنواتهم التى لا يشاهدها أحد إلا إذا كان فى الأمر إنَّ! والسؤال ما هى هذه الـ«إنَّ» بالضبط؟!
وأظن - وليس كل الظن إثم - أن الصورة السيئة والمشوهة عن عالمنا العربى السعيد كانت بسبب غالبية هذه القنوات الطائفية والغبية التى تفننت فى التفكير إلى الآخر داخل البلد الواحد! والتحريض على الكراهية بين أبناء مذهب ومذهب آخر.. أو تحريض الشعوب نفسها من أجل التمرد والثورة تحت شعارات زائفة قادت إلى الخراب والدمار والهلاك!
وبعد كل هذه السنوات على تأسيس هذه القنوات والفضائيات التى ملأت السماوات العربية، هل فكرت أى مؤسسة علمية متخصصة فى رصد ودراسة هذه القنوات سواء كانت سياسية أو راقصة أو حتى تخصصت فى أمور الجن والعفاريت وتزويج العوانس وجلب الحبيب!
وإذا كان بعض أصحاب هذه القنوات يظنون أنهم يهدفون إلى تنوير وتعليم المشاهد العربى ولوجه الله، أما كان الأجدى والأولى تشييد عشرات الألوف من المدارس الحقيقية أو الألوف من الجامعات بمصروفات زهيدة للمتفوقين فقط؟!
وكنت أتمنى لو قامت جهة علمية ورصدت لنا نسبة الجهل عند المشاهدين قبل وبعد ظهور هذه القنوات الفضائية والتى معظمها يتبنى شعار «الجهل النشيط» يا فضائيات ضحكت من جهلها الأمم!