الثلاثاء 12 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مافيا رغيف العيش

مافيا رغيف العيش






رغيف العيش خط أحمر لا يمكن الاقتراب منه، فهو بالنسبة للمواطن البسيط حياته التى لا يمكن الاستغناء عنها، وهو نفس الشىء بالنسبة للمسئولين فى الدولة التى تحرص كل الحرص على عدم المساس به، ومنظومة الخبز التى تم تطبيقها منذ عدة سنوات جعلت المواطنين يشيدون بها، الأمر الذى جعل طوابير الخبز أمام منافذ توزيع العيش تختفى تماما، أما فارق نقاط الخبز فهى الأخرى جعلت المواطن أحرص على عدم إهدار الفائض لديه من الخبز ووضعه فى الزبالة كما كان يفعل فى الماضى، وأصبح حريصاً على ألا يأخذ من الفرن إلا ما يكفيه ويحصل على الباقى نقاطاً يصرفها على هيئة سلع تموينية، وهذا أمر معروف للجميع، وتوافر الخبز بالنسبة للمواطن صمام أمان، لكن ما حدث منذ أيام قليلة فضح مافيا الخبز التى تسيطر على الكثير من السلع الغذائية الأساسية فى مصر، فمن وقت لاخر تحاول المافيا من أباطرة التجار والمحتكرين ومن أصحاب الضمائر الخربة أن يعبثوا بالبلاد، فى محاولة منهم لإظهار الدولة المصرية أمام العالم بأنها دولة هشة وضعيفة، هذه المافيا استطاعت من قبل خلق أزمات ضخمة فى السكر والزيت ومن قبلهما الأرز وغيرها من السلع.
صحيح أن الأسعار فى مصر ارتفعت بشكل مبالغ فيه، خاصة بعد تعويم الجنيه، لكن فى كل مرة تجد هناك من يقف وراء هذه الأزمات، وهم مافيا المحتكرين وأصحاب الضمائر الخربة الذين لا يرحمون هذا الشعب وكأنهم من كوكب آخر غير الوطن الذى نعيش فيه، فمنذ عدة سنوات قادتنى الصدفة وحدها للتعرف على عدد من موزعى الدقيق، وأقصد هنا الدقيق المدعم الذى يتم توزيعه على الأفران والمخابز، هؤلاء هم وسطاء فقط بين مخازن الدقيق وأصحاب الأفران إلا أن هؤلاء كونوا إمبراطورية مالية ضخمة جداً، رغم أن أغلبهم لا يقرأ ولا يكتب هو فقط يمتلك بعض السيارات التى تقوم بنقل وتوزيع الدقيق، وتبين أن هؤلاء يقومون بالاتفاق مع أصحاب الأفران باختصار كميات الدقيق، فمثلاً عندما يقوم بتوريد ثلاثين أو أربعين جوال دقيق فى اليوم يقوم الفرن الواحد بخصم عدد ثلاثة أو أربعة أجولة من الكمية تذهب إلى مخازن خاصة بهؤلاء الوسطاء، فإذا كان دوره توصيل الدقيق لخمسين فرناً فى اليوم فهو بذلك قد اختصر من الكمية نحو مائتى جوال ثم يقوم عن طريق ماكينة خاصة بتغيير الأجولة ووضعها فى أجولة أخرى تباع كدقيق حر لأصحاب محلات الحلويات ومحلات السوبر ماركت أحيانا بعد تعبئتها فى أكياس، البعض منهم يكسب فى اليوم الواحد أكثر من عشرين ألف جنيه بعد أن يحصل صاحب الفرن الذى رضى باختصار الكمية على مبلغ كبير نظير إمضائه على حصوله على الكمية كاملة، وأحيانا بعض العاملين فى التموين من أصحاب النفوس الضعيفة والضمائر الخربة.
وأحيانا أتعجب من المسئولين فى وزارة التموين عندما يجدون موظفاً صغيراً وقد تضخمت ثروته لدرجة أنه أصبح يمتلك عدداً من العقارات الضخمة وعدداً من السيارات الفخمة ولا يسأله أحد من أين لك هذا؟
وأتعجب أكثر عندما يتم القبض على أحد هؤلاء الأباطرة متلبسا بكميات ضخمة من الدقيق فى أحد مخازنه ويتم حصر أمواله فيجدونها تقدر بالملايين، ثم بعد ذلك يتم إطلاق سراحهم دون إبداء أى أسباب.
هذه المافيا سوف تقف حجراً فى حلقوم وزير التموين الدكتور على المصيلحى الذى وضع يده على الداء واستطاع أن يوقف مكاسبهم الضخمة، خاصة أن عملية الكارت الذهبى الذى يحصل عليه أصحاب الأفران الذى تبلغ كميته 4 آلاف رغيف عيش وهو ما يزيد على 4 أجولة فمعناه أنه وضع يده على المافيا الحقيقية التى تهدر على الدولة ما يقرب من مليار جنيه، لأن تقليص الكمية من 4 آلاف إلى 500 أو ألف رغيف معناه أنهم لن يستطيعوا أن يختصروا الكمية لبيعها عن طريق الوسيط ويسلمهم أرباحهم فى مساء نفس اليوم.
وعلينا جميعا أن نعرف أن مافيا السلع الغذائية فى مصر هى أقوى وأكبر من أى مواجهة، فهم الذين حركوا الشارع والمواطن البسيط فى الاسبوع الماضى بدعوى إلغاء الدعم عن الخبز، وهم الذين يستطيعون أن يسقطوا أى وزير يقترب من مكاسبهم، إلا أن الدكتور المصيلحى يبدو أنه يعرفهم جيداً منذ زمن بعيد، واستطاع أن يضع يده على الداء، وأنه سوف يطيح بهم قبل أن يقتربوا منه، فهذه المافيا هى التى أكلتنا فى الماضى اللحوم الفاسدة، واستوردوا لنا القمح المسرطن والمخلوط بالحشرات ونبات الخشخاش واستعانوا بأرباحهم الضخمة ليزرعوا الفساد فى كل مكان وفى أجهزة الدولة التى تتعامل معهم، من سائق سيارة نقل الدقيق وصاحب مخبز العيش وحتى بعض كبار موظفى التموين وغيرهم من المسئولين الكبار.
مافيا رغيف الخبز مازالت وستظل فى المقدمة، رغم الخطوات التى تمت من قبل وزارة التموين فى محاولة حصارها فالدعم المخصص لرغيف الخبز كبير والأرباح من علميات الفساد فى رغيف الخبز خرافية أيضا، بدءاً من توريد القمح المستورد غير الصالح للاستخدام الآدمى على أنه قمح محلى كما حدث فى العام الماضى، وما حدث فى الصوامع التى وصل حجم الفساد فيها لما يقرب من 600 مليون جنيه انتهاءً بالتلاعب فى وزن رغيف الخبز المدعوم أو سرقة الدعم وتكوين الثروات الحرام على حساب المواطن الغلبان إلى غيرها من العمليات القذرة، وكله يحدث على حساب المواطن البسيط الذى لا حول له ولا قوة، ندعو الله أولا ثم الحكومة للضرب بيد من حديد على أمثال هؤلاء للخلاص منهم.