
عصام عبد الجواد
قمة «الميت» هل تُحيى العرب؟
هل تعتبر القمة العربية التى عقدت فى الأردن وتحديدا فى «البحر الميت»، هل تعد بداية حقيقية لمعرفة ماذا يريد العرب؟ هل اجتماعات الزعماء كانت لها أهداف أخرى مهمة، بخلاف التقاط الصور التذكارية التى تجمعهم مع بداية ونهاية الجلسات؟ بعدها يغلقون الباب عليهم وينفض المولد، ويعود كل واحد منهم إلى بلاده وقد أدى ما عليه! هل هذه القمة ستغير تلك الكليشيهات؟
فقد كانت كلمات القادة العرب نارية، عندما تسمعها تستشعر أننا أمة قوية، مترابطة، ومتماسكة، وأن الزعماء العرب جميعهم يد واحدة، وأن هذه الكلمات استطاعت أن تشخص الوضع الحالى الذى تعيشه الأمة العربية، لدرجة أن البعض منهم انتقد بشدة الاجواء التى تعيشها المنطقة، بل وزاد البعض منهم فى انتقاده، وكأنه كفر بالقومية العربية وكل ما فيها! لدرجة أن العماد ميشال عون فاجأ الجميع بهجومه فى كلمته، عندما وجه كلامه للقادة العرب قائلًا: «زادت خيبتنا خيبة، وطعم المر زاد مرارة، وأن كل يوم هناك قتلى وجرحى ومتألمون وجياع، لا ندرى من أجل ماذا فأصوات الانفجارات ومشاهد القتل تطغى على أى موضوع آخر، وأنه لم تعد هناك صفحات بيضاء فى سجل التاريخ لنكتب فيها مَن المنتصر، فالجميع خاسرون.»
الأمر الذى صدم الجميع، وجعله يشعر بالمسئولية التى نتمنى أن تأتى بنتائج حقيقية فى القريب العاجل، خاصة أن توصيات المؤتمر كانت مبشرة بشكل كبير، بشرط أن تكون هناك إرادة حقيقية، قوية، لتحقيق هذه التوصيات التى جاءت فى قمة «البحر الميت» الـ28، لأنه لا خيار آخر للعرب إلا التكاتف والتلاحم، من أجل الوصول إلى هدف واحد، وهو الاستقرار والتوحد، لتخليص الأمة العربية من كل ما يحاك لها.
ولا بد أن يقف كل العرب حول ما قرروه، من إحياء عملية السلام الشاملة ومن أجل وحدة وسلامة الأراضى السورية، واليمنية، والعراقية، والليبية، ومن أجل هدف أكبر آخر، وهو العمل على تخليص المنطقة من الإرهاب، ووقف الحروب المذهبية، ومنع تدخل إيران فى شئون الدول العربية.
فهل تحيى قمة الميت الأمة العربية مرة أخرى؟
أعتقد أن هذه القمة سوف تعود على العرب بالكثير من الخير، خاصة أن نتائجها بدأت تظهر واضحة فى بعض المواقف، تجلى ذلك فى اللقاء الذى تم بين الرئيس عبدالفتاح السيسى وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك السعودية، لتعود العلاقات المصرية - السعودية إلى سابق عهدها، خاصة بعد أن اتفق الزعيمان على تبادل الزيارات بينهما خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
لقد لفت الرئيس عبدالفتاح السيسى انتباه الجميع، خلال خطابه فى قمة «البحر الميت»، عندما أشار إلى أن الإرهاب يهدد حياة الملايين فى الوطن العربى والعالم، مؤكدًا أن انتشار الإرهاب قد عصف بالوطن العربى وأضعف كيان الدول العربية، كذلك حذر الرئيس السيسى من محاولات القوى الخارجية للتدخل فى شئوننا العربية، باعثا برسالة حازمة، واضحة، من على مقعد مصر فى القمة العربية قائلا: «إننا لن نسمح لأى قوة كانت بالتدخل فى الشئون العربية» لقد كانت كلمات الرئيس صادقة، نابعة من مسئوليته المصرية - القومية تجاه الأمة العربية.
فهل عرف العرب ماذا يريدون فعلًا؟ وهل صارح القادة بعضهم خلال «قمة الميت»؟ كى يستطيعوا إحياء دور الجامعة العربية الحقيقى؟
هذه التساؤلات، وغيرها، سوف تكشفها الأيام المقبلة.