السبت 20 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«والله زمان» يا إعلانات زمان!

«والله زمان» يا إعلانات زمان!






أبناء وبنات هذه الأيام لا يعرفون حجم وقوة الزلزال الذى وقع فى بيوتنا عندما أصبح «التليفزيون» أحد أهم أفراد الأسرة على الإطلاق!!
كان التليفزيون هو الحاكم والأب ورب الأسرة داخل البيت، وهو الثواب والعقاب فى نفس الوقت!! فأنت محروم من مشاهدة الفيلم العربى إذا لم تذاكر!! وتشاهد المسرحية مساء الجمعة إذا ذاكرت وسمعت الكلام ولم يبدا منك أى تصرف سيئ!!
هكذا عشت طفولتى عندما دخل التليفزيون بيتنا لأول مرة قبل نصف قرن تقريبا.. ومعه عشت أجمل ذكريات، ربما كانت عبيطة وساذجة أو حتى تافهة لكننى مازلت أتذكرها وأبتسم وأضحك من عبطى وسذاجتى، ولكن عذرى أن كل أبناء جيلى كانوا مثلى!!
كان أول إعلان تليفزيونى أراه عن شهادات الاستثمار فوايدها علينا كنار وكان مشهد النقود والجنيهات يثير عقلى وأتساءل لماذا لا تسقط هذه النقود من التليفزيون وتستقر على الأرض لنستفيد بها!!
كانت الإعلانات بسيطة جدا لكنها كانت خفيفة الدم وكنا نحفظ كلماتها ونرددها وكأنها أناشيد مدرسية لطيفة،  من من أبناء جيلى لا يتذكر إعلان منتجات البلاستيك «أنا الميلامين» أنا جامد ومتين أو «سافو سلام عشانه سافو» أو «عمر أفندى ده غالى عندى» أو «الست سنية سايبة المية ترخ ترخ من الحنفية» أو إعلان «اجرى بسرعة يا واد يا حسين.. شوف لنا ريرى بيتباع فين»!! أو «إيزالو جالو.. ريحلوا بالوا» و«الشرق للتأمين.. ومشروعها العظيم» أو «يا كريمة ياللا يا كريمة.. بعدين نتأخر عن السينما» الخ.. الخ
كان الإخوان «مهيب» ملوك هذه الإعلانات البديعة التى لا تخدش الحياء بأى صورة، وكان الإعلان رسالة تربوية وأخلاقية إلى جانب كونه إعلانًا عن سلعة!!
كان الإعلان يراعى أنه يدخل كل بيت عبر التليفزيون فيحرص على انتقاء كلمات الإعلان بكل دقة، فلا لفظ خارج أو إيحاء من نوع ما!!
ولم تكن الإعلانات قد عرفت طريقها إلى الملابس الداخلية أو مزيلات الشعر والفوط الصحية بكل ما تحمله من فجاجة ووقاحة!!
كان وجود اسم «على مهيب» على الإعلان كفيل بنجاحه وذيوعه وانتشاره عند الكبار والصغار فى نفس الوقت ويرددون كلماته دون خجل أو كسوف!!
كانت الإعلانات كلها وبدون استثناء لا تعبر إلا عن سلع ومنتجات وطنية سواء مأكولات أو ملابس أو مساحيق تنظيف ولم يحدث أبدا أن رأيت إعلانا عن سلعة أجنبية!!
والإعلان نفسه وكانت أغلب الإعلانات رسوم متحركة وكارتون للفنان العبقرى مهيب.. متعة بصرية لا حدود لها.. وكأنه فيلم كارتون قصير، أما كلمات الإعلان فلم يكن به كلمة واحدة أو لفظ يخدش الحياء، حياء من يشاهدونه داخل البيت!!
صنع فى مصر كان زمن تلك الأيام، ولم نشاهد على شاشة التليفزيون وكما هو حال هذه الأيام تلك الإعلانات الفاخرة والفاجرة عن كل ما يخطر على بالك سواء مستوردة أو محلية الصنع!!
وصنع فى مصر أيضا كان عنوان الحلقة الرائعة للرائعة القديرة الأستاذة «إسعاد يونس» فى برنامجها «صاحبة السعادة» والذى عشنا معه ذكريات وزمن لا ينسى واستعدنا معه أحلى الأيام مع منتجات كنا نظن أنها انقرضت وخرجت إلى المعاش، لكن المفاجأة أن هذه المنتجات لا تزال موجودة، ولكن لا أحد يدرى عنها شيئا سواء منتجات غذائية أو مساحيق تنظيف إلى أحذية باتا!!
برنامج صاحبة السعادة وصاحبة «إسعاد يونس» يستحقان كل التحية والتقدير!!