السبت 20 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«شادى الرفاعى» ميلاد روائى شاب!

«شادى الرفاعى» ميلاد روائى شاب!






خطفتنى رواية هذا الولد العفريت «شادى الرفاعى» من أول صفحة حتى الصفحة الأخيرة! وسحرتنى كل أحداثها وتفاصيلها!
الرواية اسمها «آدم على العبد» ومنذ سطورها الأولى وحتى نهايتها، عشت معها وبها وفيها وحولها بكل تفاصيلها المدهشة والممتعة والقاسية والساخطة والغاضبة.
ولست ناقدا محترفا يفهم كثيرا فى نظريات السرد والتناص والحداثة وما بعد الحداثة، لكننى كنت قارئ أهيم عشقا بكل ما هو ممتع وجميل ومحترم فى عالم الأدب والفكر، ورواية «آدم على العبد» لشادى الرفاعى فيها المتعة والجمال والبساطة أيضا.
تبدأ الرواية وبطلها يعترف قائلا: «اليوم 14 إبريل 2008 وغدا أكمل عامى الستين وبعد ساعات قليلة تتغير حياتى كلها، فأنا الآن فى انتظار القيام برحلة إلى المجهول، بالرغم من انتظارى منذ سنوات إلا أننى لا أعرف بالتحديد ما على فعله، ويبدو أنها عادة موروثة للمصريين ألا نفكر فى الغد، ونترك كل شىء للظروف».
هنا هو «آدم على العبد» المولود فى عام 1948 - عام النكبة وضياع فلسطين- الذى يعترف أيضا: «أنا فاشل، ستون عاما من الفشل، ستون عاما ماذا فعلت فيها؟! ماذا جنيت سوى الفشل فى النهاية، كل شىء فعلته بداعى الخوف أسميته باسم آخر!! تماما مثل النكسة والهزيمة، والنتيجة الفشل!».
رواية موجعة وقاسية فى جرأتها عندما يستعيد البطل أجواء حرب العدوان الثلاثى عام 1956 وحبه الأول وكان عمره ثمانى سنوات مع حبيبته ذات الأربع وعشرين عاما، ويستعيد ذكريات كتابته خطاباً للرئيس عبد الناصر بدأه بالقول «أبويا الراجل العظيم جمال عبد الناصر»!
عشرات التفاصيل الصغيرة تأخذك صفحة وراء صفحة وأنا مستسلم تماما، من أين تعلم هذا الولد العفريت بكل هذا السرد والوصف والتمكن فى بساطة وعمق. لكننى توقفت كثيرا مدهوشا ومندهشا من لقاءات الأب بابنه الذى لا يعرف عنه شيئا وجاء لزيارته بعد ثلاثة أيام من مهاتفته ولم يمكث معه سوى دقائق قال فيها: «كنت جاى أشوفك عايز حاجة وماشى على طول»!
«كنت أريد أن يبقى معى قليلا، فالحكايات بيننا لن تنتهى، هناك عشرون عاما فى حياته لا أعرف عنها شيئا، وهناك لى حياتى كلها لا يعرف هو عنها شيئا ولكن الحقيقة هى من أنا لكى يحكى حياته وأسراره؟! أنا مجرد اسم بجوار اسمه فى بطاقته الشخصية، أنا مجرد لقب يناديه به أصدقاؤه أنا حكايات كانت ترويها له أمه، أنا إنسان آخر من الممكن أن يثق بها»!
بهذه الكلمات الموجعة تبدأ الحكاية بين الأب وابنه، زمن غير الزمن، وجيل غير الجيل وتربص مسبق وخلافات رؤى وأفكار، إنه الاختلاف بين جيل تربى على الورقة والقلم وجيل عاشق ومدمن للكمبيوتر والنت واللاب توب.. هو زملكاوى والابن أهلاوي، الأب يقول: خلينا نعمر بلدنا! والابن يرد: خمسة وثلاثين سنة مش عارفين نعمر بلدنا!
وتستمر النقاشات الحارة والحادة والتصادمية بين الأب وابنه، «ناجى آدم على العبد» إلى أن يقول الأب معترفا: «أعترف أننى كنت مخطئا، أخطأت فى حقه وفى حق جيل بأكمله، أخطأت حين حكمت عليه قبل أن أعرفه حين ظننت فيه الجهل والتفاهة والسطحية واللامبالاة.
أعترف أنه يتفوق على فى الثقافة وكل شىء، حين كنت فى مثل سنه، أعترف أيضا أننى أحسده وأحسد كل أبناء جيله، لم نكن نعرف سوى نصف الحقيقة إذا عرفناها من الأساس أو نعرفها كما يريدون هم! أو نعرفها بعد سنين طويلة، أما هم فيعرفونها قبل وقوعها، وأعترف أن نشأتهم فى تلك الظروف الصعبة جعلتهم يكتسبون خبرات فوق خبراتهم».
سرقنى الكلام عن رواية «شادي» ونسيت أن أقول لكم إنه سبق أن أصدر مسرحيتين هما «جرادة بارتي» و«جزيرة الخنازير» منذ سنوات.
«شادى الرفاعي» شاب مصرى (31 سنة) مسكون بالأدب رغم دراسته وعمله، فهو حاصل على بكالوريوس تجارة خارجية إنجليزى ويعمل محاسبا بأحد البنوك الكبرى.
يا عزيزى شادى أشكرك وأحييك على روايتك البديعة والموجعة، فكأنك كنت تكتب عن جيلى بأكمله!