الإثنين 30 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أمير الشعراء والدكتور الجيار حكايات وأسرار!

أمير الشعراء والدكتور الجيار حكايات وأسرار!






ما أكثر المرات التى كتبت فيها عن أمير الشعراء «أحمد شوقى» وحكاياته مع نجوم عصره من رجال السياسة والفكر والصحافة!!
ومازالت أحلم بالتفرغ لإنجاز كتاب عنه وعلاقته بالسياسة والصحافة والأحزاب والغناء..
ومن وسط عشرات المراجع المهمة توقفت كثيرًا أمام كتاب الدكتور «مدحت الجياد» وعنوانه «مسرح شوقى الشعرى: دراسة فى توظيف الصورة الشعرية وبنية النص» صحيح أن الكتاب يهتم فى المقام الأول بقصائد شوقى وعالمه الشعرى لكنه قدم لنا - أو لى - على وجه الخصوص كنزًا من المعلومات والأسرار عن شوقى كنت فى أشد الاحتياج لها! وكذلك كتابه «إرهاصات التنوير».
لقد عكف د. مدحت الجيار على قراءة ودراسة وتحليل مئات المراجع عن «شوقى» لكى يخرج هذه الدراسة المهمة والقيمة عن أمير الشعراء!
يقول «د. الجيار» أن مسرح «شوقى» هو البداية الناضجة للمسرح الشعرى العربى إذ بدأ شوقى مسرحيته الأولى سنة 1893 بعد محاولات سابقة أقل نضجًا وأكثر اقترابًا من الأوبرا، وشوقى صاحب ثمانى مسرحيات شعرية، واللافت للانتباه أن سنوات 1931 و1932 قد حظيتا بمعظم إنتاجه المسرحى الذى تنوع بين التاريخى والفرعونى والجاهلى والأموى والعثمانى المملوكى. أى أن «شوقى» استخدم التاريخ واستغله ليكتب أبدع وأجمل مسرحياته ومنها «على بك الكبير» و«مصرع كليوباترا» و«مجنون ليلى» و«قمبيز» و«عنترة» و «الست هدى» و«البخيلة».
ولم يغفل د. مدحت الجيار تراث أمير الشعراء الشعرى الذى كانت تحتفى وتحتفل به صحافة ذلك الزمن فيقول: «عشرات القصائد نشرت فى دوريات هذه الفترة الرسمية منها «الوقائع المصرية» وغير الرسمية «الأهرام - المقطم - الزهور - اللواء - الرسالة - المؤيد - المنبر - سركيس - الصاعقة - الأقدام وغيرها) وتأخذ جريدة الأهرام ثم المؤيد معظم مساحات النشر لشعر شوقى فيما بين (1888-1889)!
وقبل هذه الفترة كان «شوقى» ينشر فى الوقائع الرسمية حتى حينما كان نزل «باريسفيها» أثناء المنفى - وكانت الأهرام تنشر بعض قصائده بتوقيع مستعار هو «نجى الخرس» ثم «سايح» فيما بعد!!
والطريف أن مسرحيته «على بك الكبير» وصفها بأنها «رواية تاريخية تمثيلية شعرية بقلم «العاجز» أحمد شوقى» أحد موظفى الديوان الأفرنكى الخديو» كان ذلك عام 1893 لكنه أعاد كتابتها ثانية بعد حوالى أربعين سنة عام 1932 تحت اسم «على بك الكبير أو دولة المماليك» بقلم «أمير الشعراء أحمد شوقى»!! والطريف أن هذه المسرحية مثلت لأول مرة بواسطة فرقة «فاطمة رشدى» على مسرح الكورسال فى مارس 1932.
ويشير د. مدحت الجيار «إلى أن «أحداث الثورة العرابية قد حركت اهتمام - شوقى - بالسياسة والتاريخ المصرى فى آن واحد وكان صغير السن لا يملك إلا الانحياز لصاحب السلطان ومصدر القوة الخديو توفيق وهو الذى هاجم الثورة العرابية بقوله: «صغار فى الذهاب وفى الإياب» هذا كل شأنك يا عرابى!! «وهو بذلك قد عادى طوائف كثيرة من الشعب المصرى كانت قد خرجت مع الثورة العرابية وأيدتها، ووضعت حلمها فى التغيير بين يديها فى تفعيل المجلس النيابى.
صحيح أن شوقى ندم بعد ذلك وأصلح موقفه بالاقتراب من الخديو عباس حلمى الثانى ثم تحمل معه المنفى ولكنه ظل فى ذاكرة المصريين مناصرًا لتوفيق وحزبه. ولم يكفر شوقى عن ذنبه إلا فى هذه المطولات التاريخية التى يرصد فيها تاريخ مصر منذ بدايات الأسر المصرية حتى تولية «محمد على» حكم مصر، وأشاد بالحكام المنتصرين وبنضال الشعب المصرى ضد المحتلين!! إلا أن - نقاد الشعر - فيما بعد خاصموه وجعلوه «العقاد» شاعر الأمير وليس أمير الشعراء!!
ومهما طال الكلام عن «شوقى» أمير الشعراء فهو قليل، ولكن دائمًا أتذكر له هذه الأبيات العظيمة التى لا تنسى على مر الزمان وفيها يقول:
الدين للديان جل جلاله.. لو شاء ربك وحد الأقواما
نعلى تعاليم المسيح لأجلهم ويوقرون لأجلنا الإسلاما
هذى قبوركم وتلك قبورنا متجاورين جماجمًا وعظامًا».
وتبقى تحية الاحترام والتقدير للدكتور «مدحت الجيار» أستاذًا جامعيًا وناقدًا ومبدعًا.