الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المعارضة الموسمية

المعارضة الموسمية






غريب أمر ما يسمى «المعارضة السياسية» فى مصر، لا تراها تقدم أى برنامج سياسى أو أى حلول لأى مشاكل تثيرها، فقط تظهر ظهورا موسميا لركوب الأزمات التى لا تهدف من تضخيمها إلا إعادة تذكير المواطن بأن هناك ما يسمى المعارضة مازالت على قيد الحياة، تخيل معارضة سياسية تعيش على جهاز التنفس الاصطناعى الموصولة أسلاكه بدينامو النظام الحاكم الذى يدير حركة العمل التى تصيب أحيانا وتتعثر أحيانا أخرى.
هل يمكن لهذه المعارضة أن تتواجد لو أن نظاما مثاليا يحكمنا بلا أخطاء؟ هل يمكن لهذه المعارضة أن تحجز لنفسها مكانة ثابتة فى ذاكرة المواطن لمدة شهر واحد؟  الإجابة بالقطع لا!
ثم اسأل نفسك أين تتواجد هذه المعارضة على الساحة السياسية لشغل الفراغات التى خلفها التنظيم الإخوانى؟ أم أنها مستمتعة بدور حارس الفراغ إيذانا وتبشيرا بعودة الإخوان لشغل الفراغ الشاغر بفعل معارضة عاجزة إلا عن المزايدة على الوطن والمواطن.
لا تكف هذه المعارضة أبدا عن العبث بالوعى الشعبى، مساحات التضليل تمنحها ميزة الحركة الحرة، كما أن تنوع وسائل الإعلام وتعددها منحها مزايا افتراضية لا تلامس شيئا على أرض الواقع، لا تتورع عن ممارسة البيات السياسى صيفا أو شتاء، ثم تظهر موسميا دون أدنى حياء سياسى لتمارس معارضتها الصوتية فى وجه النظام لتعود إلى أدراجها انتظارا لموسم جديد من  سياسة المهرجانات على غرار موسيقى المهرجانات الناشئة حديثاً، لتطحن عقول الشباب ما بين الفن الهابط والسياسة الهابطة.
ويبقى وعى المواطن مستهدفا ما بين التلوث السياسى الذى تمارسه معارضة هاوية لا تقوى على أصول الاحتراف، وما بين تلوث ضوضائى وسمعى مارسته فرق ناشئة على أطلال الفن الأصيل، كما نشأت معارضة على أطلال السياسة الأصيلة، لا هم لها إلا استدراج الأنظمة لمستوى فشلها، ويظل المواطن طوال الوقت يعرف ما لا يريد ولكنه لا يعرف أبدا ما الذى يريد بفعل معارضة تُمارس العمل السياسى من باب التسلية بالوطن والشعب!
لكن الخطورة الحقيقية  تكمن فيما تقدمه هذه المعارضة من خدمة جليلة لجماعات النصب باسم الإسلام، حينما تمنحها فرصة المقارنة بين الوهم المستهلك الذى تمارسه هذه المعارضة، وما بين مخلفات نفس الوهم المعاد تدويرها بمعرفة الجماعات المتأسلمة، لتقدم للمواطن فى النهاية سلعا غير صالحة للاستخدام السياسى، لا تكتفى هذه المعارضة الوهمية بذلك فحسب، بل تستدرج المواطن إلى إدمان حالة من السخط وامتهان الغضب كوظيفة يومية، ثم تتركه وحيدا بينما يزاحم أبطال تلك المعارضة بعضهم البعض على شاشات الفضائيات أو أبواب السفارات، وكلما تورط المواطن فى حالة الإدمان وزادت حاجته لجرعات المخدرات السياسية، زادت قدرة تجار المعارضة على السيطرة عليه.