الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
غرامات فادحة على التجاوزات الفاضحة!

غرامات فادحة على التجاوزات الفاضحة!






توقفت طويلاً أمام الخبر الذى نشرته الزميلة «المصرى اليوم» على صفحتها الأولى «الخميس الماضى» تحت عنوان «200 ألف جنيه غرامة كل لفظ مسىء بالفضائيات»، وجاء فى سياق الخبر الذى كتبه الزميل «مينا غالى» أن المجلس الأعلى للإعلام وافق على مشروع قرار بتطبيق غرامة مائتى ألف جنيه على كل قناة فضائية ومائة ألف جنيه على الإذاعة عن كل لفظ مسىء يتم نشره عبر إحدى هذه الوسائل».
وفى ذات السياق نسب الخبر للأستاذ «جمال شوقى شاروبيم» رئيس لجنة الشكاوى بالمجلس الأعلى للإعلام أن «المجلس سيبدأ بتطبيق قرار الغرامة بدءًا من 15 يونيو الجارى وهو المنوط به تحديد اللفظ المسىء الذى يتم تطبيق العقوبة بشأنه على الوسائل الإعلامية، فضلاً على أنه يمكن الاحتكام للمجمع اللغوى بشأنه».
وهنا بالضبط تبدأ الدهشة والاستغراب من مضمون الخبر، فلماذا تم تحديد مبلغ مائتى ألف جنيه على كل لفظ مسىء فى الفضائيات ومائة ألف جنيه لذات اللفظ المسىء إذا قيل عبر الإذاعة! هل لأن الفضائيات أكثر رواجًا ومشاهدة من مستمعى الإذاعة؟!
وإذا كانت الحلقة الواحدة تحتوى على عشرة ألفاظ مسيئة مثلاً، والمسلسل يمتد إلى ثلاثين حلقة مثلاً، فتكون الحصيلة ثلثمائة لفظ مسىء فى المسلسل كله، أى أن حصيلة الغرامة ستصبح 60 مليون جنيه بالتمام والكمال؟! «أما بالنسبة للإذاعة فستكون أقل كثيرًا بطبيعة الحال!».
والسؤال البسيط: من سيدفع هذه الغرامة الباهظة؟! والإجابة هى القناة التليفزيونية التى تعرض المسلسل؟! وليس السادة منتجى المسلسل؟! فقد باع المنتج المسلسل وانتهى الأمر!
ولو كل قناة قامت من تلقاء نفسها - فى المستقبل طبعا - بحذف مئات أو آلاف الألفاظ المسيئة والشتائم من كل مسلسل لوجدنا الحلقات وقد تحولت إلى دقائق قليلة!
وهنا ترتفع أصوات جماعات الإبداع بغير حدود والحرية بلا سقف وينددون بالقمع الفكرى ومصادرة الإبداع بهذه المحذوفات!
ثم الأغرب من ذلك هو حكاية الاحتكام للمجمع اللغوى بشأن تحديد اللفظ المسىء الذى يتم تطبيق العقوبة بشأنه؟! وهل اللفظ المسىء خادش للحياء أم أنه مجرد تنفيس عن غضب بطل أو بطلة المسلسل فى إطار الدراما!
وفى باقى الخبر ما هو أغرب وأعجب حيث جاء أن «المبالغ المحصلة من الغرامات على الوسائل الإعلامية يتم توزيع 10٪ من كل غرامة على المواطن الذى يقدم دليلا على وجود أى إساءة! أما باقى الغرامة فسيتم تخصيصها لدعم الأعمال الإبداعية للإعلاميين (!!).
ووجه الغرابة هنا وأيضا التساؤل إذا قمت أنا - العبد الفقير إلى الله «رشاد كامل» - برصد مائة تجاوز لفظى فى بعض هذه المسلسلات وقمت بتوثيقها فلمن أقدمها حتى أنال نصيبى من هذه الغرامة؟! وهل سينشئ المجلس الأعلى للإعلام مكتبا لتلقى هذه التجاوزات من المواطنين أمثالى؟ وكيف سيتحقق من جديتها وصدقها؟! وإذا حدث خلاف حولها؟! هل ستحيلها إلى المجمع اللغوى للبت فيها وفحصها؟! وكم من الوقت سيستغرقه المجمع اللغوى للبت والتحقق من أن هذا اللفظ أو ذاك يعتبر مسيئا أو مسفاً مثلا!
أما المشكلة الأكبر والتى لم تخطر على بال أحد أن العديد من المحطات الفضائية العربية تشترى المسلسلات المصرية لعرضها، فهل ستقوم هى بحذف هذه الألفاظ المتجاوزة من تلقاء نفسها؟! أم أنها ستشتريها «مشفية» دون عظم أو تجاوزات!
وبدون لف أو دوران أقول إن المشكلة تبدأ من ورق المؤلف ثم المخرج نفسه، ولو حذفنا السفالات والشتائم من الورق قبل تمثيله لانتهت المشكلة ولاستراح الجميع!
يا أهل الدراما شبعنا تجاوزات باسم حرية الإبداع!