الخميس 1 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
وسام تسعد الوطن بفوز جار النبى الحلو

وسام تسعد الوطن بفوز جار النبى الحلو






حين تقابله ستحبه، وستتأكد أنه من الأرواح التى تأتلف معك وتتوافق سريعا مع روحك إن كنت مبدعا مخلصا وإنسانا حقيقيا، ولن تستطيع الفكاك من أسره كقيمة إنسانية وإبداعية محترمة فى هذا الوطن، والسؤال الذى يسيطر على منذ فوزه بجائزة الدولة للتفوق فى الآداب، هل من الممكن أن يسعد فوز أحد من الأدباء المدينة كلها ؟ والمدينة هنا أقصد بها الوطن كله، هذا سؤال ستكون إجابته القاطعة بالنفى حتما، خاصة مع حالة الغمز واللمز وتمنى زوال نعمة الغير والتقليل من شأنه، والبحث عن أى شىء يقلل من قيمة الفائز مهما على شأنه، والمحزن أن هذا الأمر صار عاديا ومألوفا ولا يستنكر من كثيرين، والغريب أن فرح المدينة كلها حدث بالفعل، وذلك حين فاز الكاتب والروائى والقاص وكاتب الأطفال والدرامى جار النبى الحلو بجائزة الدولة للتفوق فى الآداب لعام 2017، تم ذلك فى ظل وجود عدد كبير وضخم من الأسماء الكبيرة والمحترمة والمتفوقة أيضا فى القائمة التى اقتربت من الستين مرشحا، وفى ظل بداية تطبيق قانون 9 الذى يمنع قيادات وزارة الثقافة، من رؤساء الهيئات والقطاعات والبيوت من حق التصويت الذى كان موجودا من قبل.
المدهش والمثير للتساؤل أن فوز جار النبى الحلو قد أسعد الجميع فى مصر من أبناء الوسط الأدبى بصفة خاصة والثقافى بصفة عامة من أقصى اليمين لأقصى اليسار، والغريب أن فوزه قد أسعد كل المتنافسين معه للفوز بالجائزة أيضا، فقلما يعترف أحد فى العالم العربى بفوز المنافس، لا تفسير لدى إلا العمل الجاد والإخلاص للكتابة طوال سبعين عاما، ولا ننسى السيرة الحسنة والترفع والاستغناء والرضا الذى يسيطر على حياة جار النبى الحلو، الذى لم أره مرة سعيدا إلا بالإبداع الجيد للمخلصين والحقيقيين فقط من مبدعى الوطن، أشعر أن هذا الرجل لا يريد من الدنيا إلا كوب شاى لا أكثر ولا أقل، والمتأمل لهذا الطلب سيعرف أنه منحاز للناس وللبسطاء الذين لا يطمعون فى بهرجتها وزخرفها .
بدأت رحلتى مع جار النبى الحلو مع مجموعته المهمة - كقارئ ومحب للقصة القصيرة - «طعم القرنقل» تلك المجموعة المثيرة للدهشة إنسانيا والتى أحبها كطريقة مهمة فى الكتابة وتروقنى كثيرا، كما شدنى بقوة أسلوبه السهل الممتنع الذى يحمل بلاغة خاصة لها طعم خاص وتواصلت مجموعاته فى الصدور مثل الحدوتة فى الشمس وحكايات جار النبى الحلو كما صدر له قبل تلك مجموعة القبيح والوردة، ويبدأ جار النبى رحلة سردية جديدة فى عالم الرواية، بدأها من رواية حلم على نهر التى رصدت تاريخ ردم النهر بالمحلة وحالة التحولات التى تمت فى المدينة، ثم حجرة فوق سطح وقمر الشتاء وعطر قديم وختمها برواية «العجوزان» ليشكل مشروعا روائيا مهما عن مدينة المحلة الكبرى، ليكون بذلك أحد المتفردين فى عالم الكتابة عن أحد الأماكن المهمة فى مصر، فصارت المحلة، المدينة التى لم يبرحها عالمه المكانى الأثير الذى يعشقه ويتفانى فيه ويتماهى معه.
وأؤكد كثيرا أن جار النى الحلو واحد من الأسماء الروائية العربية التى تضيف للرواية العربية فى صمت وجلال، وتؤرخ روائيا لبقعة مكانية ولشخوص مصرية عاشت فى فترة مهمة من تاريخ الوطن، فى مدينة المحلة الكبرى المتنوعة المشارب والسكان والجغرافيا والضاربة بأصولها فى تاريخ مصر.
ويمتد مشروع جار النبى ليصل لشاطئ آخر غاية فى الأهمية وهو الكتابة للطفل بفروعها كافة؛ القصة القصيرة والطويلة للطفل والمسرح والدراما التليفزيونية والسيناريوهات المصورة والحلقات المسلسلة فى أهم مجلات الأطفال والسلاسل المهمة، إضافة إلى دوره فى المشاركة فى تأسيس عدد من مجلات الطفل فى مصر ورئاسته لسلسة كتاب قطر الندى، ومشاركاته المهمة فى مجلة مثل ماجد الإماراتية.
و أجمل ما فى حدوتة فوز جار النبى الحلو أن ابنته الكاتبة وسام جار النبى الحلو هى التى تقدمت بأعماله للجائزة دون أن يعرف، وحين جاء يوم التصويت وإعلان الجائزة شعرت-وسام- بالخوف والتوتر الشديدين، فجار النبى الحلو كان يرفض أن يتقدم لأى جائزة، وظل على هذا المبدأ حتى أكرمه الله بالفوز بالتفوق حين تقدمت ابنته بأعماله وصدق حدسها وثقتها فى أعضاء المجلس الأعلى للثقافة، فكل التحية للكاتبة وسام جار النبى التى أسعدت المدينة كلها بفوز جار النبى الحلو.