الأربعاء 23 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
سيناء.. من التحرير إلى التعمير دروس مستفادة

سيناء.. من التحرير إلى التعمير دروس مستفادة

التاريخ ليس مجرد حوادث وأحداث، بل عبر وعظات، وما أكثرها الدروس المستفادة من محطات التاريخ المصري قديمًا وحديثًا.



نحن على أعتاب الاحتفال بالذكرى الثالثة والأربعين لتحرير سيناء برفع العلم المصري على آخر ذرة تراب تتطهر من دنس الاحتلال 25 أبريل 1982م.

 

خمسة عشر عامًا، قضتها مصر فى حشد قوتها الشاملة لعبور تحدى هزيمة الخامس من يونيو 1967، وتسعة أعوام قضتها فى معركة التحرير منذ معجزة السادس من أكتوبر العسكرية 1973.

 

دروس وعظات فى مقدمتها أن هذا الشعب فى تاريخه القديم والحديث، يمتلك جينات حضارة، تُستنفر فيتحول لكتلة صلبة عصية على الانكسار تزيدها المحن والتحديات صلابة.

 

 

 

انتفض شعب مصر عقب نكسة 67، يقول لا للهزيمة، لا لتنحى الزعيم عبدالناصر، نعم لإزالة آثار العدوان وإعادة بناء الجيش وقدرات الدولة للاستعداد لمعركة التحرير.

 

انتصرت إرادة الشعب، وتضحياته، وتجاوز التحدى بالإيمان والعلم والعمل والعزيمة التي لا تلين ولا تقهر، خاض حرب الاستنزاف فلم يكن الجيش وحده على الجبهة، بل خلفه الشعب الذي يستمد منه أبطاله ومقاتليه، ودعم المجهود الحربى.

 

انتصرت مصر فى السادس من أكتوبر عسكريًا، لتبدأ المعركة السياسية، باتفاقية السلام، انتصرت، لتبدأ المعركة القانونية فى التحكيم الدولى لاستعادة ما ظن الاحتلال أنه قادر على الاحتفاظ به من طابا.

 

الرسالة أن المعارك تُخاض بأسلحة متنوعة، عسكرية وسياسية ودبلوماسية وقانونية، وإعلامية، فليست المواجهات عسكرية فقط، بل الخيار العسكرى هو الأخير عندما يُفرض علينا القتال، نقاتل من أجل ردع العدو وإلزامه بالجلوس إلى طاولة المفاوضات.

 

استتبع التحرير، معركة التطهير من الإرهاب الذي واجهته مصر فى التسعينيات وقهرت موجته الأخيرة التي سعت لكسر إرادة الشعب المصري الذي خرج فى الثلاثين من يونيو لاستعادة الهوية وحماية دولته الوطنية. 

 

من التحرير إلى التطهير فى المعركة الشاملة التي لم تقل بطولات الأحفاد فيها عن بطولات الأجداد فى حرب الاستنزاف والسادس من أكتوبر.

 

حرر الأجداد سيناء من دنس الاحتلال الصهيونى، وطهرها الأحفاد باقتلاع الإرهاب من جذوره، لتتواصل معركة التعمير التي لم تتوقف يومًا منذ عام 2013، فكانت يد تحمى ويد تبنى.

 

وهنا الرسالة أن التعمير سلاح بالغ الأهمية من أسلحة الحفاظ على التراب الوطني، فباتت مصر تحتفل بأعيادنا الوطنية بالإنجازات لا الشعارات والأغنيات.

 

 

 

لم يعد الاحتفال مقصورًا على أغانى «بالأحضان يا حبيبتى يا سينا بالأحضان»، بل بافتتاح المشروعات القومية، أنفاق تحيا مصر التي تربط شبه الجزيرة بدلتا مصر، والمدن الجديدة، وتعمير نحو 750 ألف فدان من صحرائها المباركة. 

 

بالأمس القريب أثلج صدرى مشاهد زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي وضيفه الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، لضيوف مصر الأشقاء الفلسطينيين الذين يعالجون بمستشفى العريش المركزى.

 

مستشفى يعكس مدى التطور الكبير فى البنية التحتية الطبية فى سيناء على أعلى المقاييس العالمية، فقد زرت هذا المستشفى فى أغسطس 2011، لتغطية أحداث فى العريش، وشتان بين مستشفى عام متهالك وما أصبح عليه الآن من تطوير غير مسبوق.

 

هوة واسعة بين ما كانت عليه الأوضاع الأمنية فى سيناء عقب أحداث 2011، وما تلاها فى 2013 من موجة إرهابية استهدفت كسر إرادة الشعب والدولة المصرية، وبين الأمن والاستقرار والتنمية التي بلغت أعلى درجاتها لاستضافة رؤساء دول بالعريش ورفح المصرية.

 

تلك العظات والدروس، تؤكد أن أحلك الظروف وأصعب التحديات مآلها بالعزيمة والإصرار إلى زوال، ما بقى شعب مصر نسيج واحد، مصطف كالبنيان المرصوص خلف قيادته ومصالح وطنه ومحددات أمنه القومى.

 

ستظل سيناء التي اختصها الله سبحانه دون غيرها بالتجلى، وعليها سار الأنبياء، وفيها كلم الله نبيه موسى، ورمالها تعطرت بدماء الشهداء، ستظل قطعة من نور مصر، يبذل فى سبيلها الدماء للحفاظ على كل ذرة من ترابها، والعرق لتعميرها لتتحول إلى جنة الله فى أرضه. 

 

ستظل مصر وفية لأشقائها فى فلسطين، مدافعة عن حقهم المشروع فى دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967، مدافعة عن حقهم فى الحياة والبقاء على أرضهم وتعمير غزة دون تهجير.

 

سيظل بإذن الله أهل مصر فى رباط إلى يوم الدين، خلف قيادتهم السياسية، نصرة للحق والعدل فى مواجهة مخططات الصهيونية العالمية وأنصارها، لا للتهجير نعم للتعمير.

 

 

 

فى هذا العدد نحتفى بالذكرى الـ43  لتحرير سيناء، بملف الإنجازات لا الأغنيات والشعارات، فعلى أرضها 7 مدن جديدة تستهدف استيعاب 5 ملايين مصري، لتعزيز كثافتها السكانية فهى تمثل سدس مساحة مصر ويقطنها نحو 600 ألف فقط.

 

شبكات طرق وعودة لرحلات السكك الحديدية بعد 57 عامًا من التوقف، تطوير قناة السويس والبدء في جنى ثمار المنطقة الاقتصادية بقناة السويس.

 

أنفقت الدولة فى سيناء 1٫2 تريليون جنيه فى مشروعات تنموية زراعية وصناعية وعمرانية واستثمارية، فى هذا الملف نحتفل بالإنجازات المتحققة على الأرض وما يجرى تنفيذه.

 

كل عام ومصر قيادةً وجيشًا وشعبًا بخير وسلام وتقدم.

 

تحيا مصر بالإيمان والأمل والعمل ووحدة شعبها.. حفظ الله مصر.