الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عبدالناصر يقول: على قد لحافك مد رجليك

عبدالناصر يقول: على قد لحافك مد رجليك






مازلت أحتفظ فى مكتبتى بالكتب الضخمة المتعددة التى كانت تصدرها «مصلحة الاستعلامات» والتى تتضمن خطب وتصريحات وبيانات رؤساء مصر: «جمال عبدالناصر» و«أنور السادات» و«حسنى مبارك» ومن حين لآخر أعاود تقليبها وإلقاء نظرة على ما جاء فيها من تصريحات وإنجازات وإخفاقات أيضًا!
لقد توقفت بكثير من الدهشة والاستغراب أمام المعلومات التى صرح بها الرئيس الراحل «جمال عبدالناصر» بعد عام واحد فقط من قيام ثورة 23 يوليو 1952 وحديثه عن الزيادة السكانية وأزمة السلع الغذائية، كان خطاب «عبدالناصر» يوم 18 نوفمبر عام1953  وألقاه فى حى الجمالية بمناسبة احتفال هيئة التحرير ذلك التنظيم السياسى الذى أنشأته ثورة يوليو.
تحدث «عبدالناصر» فقال: «إن مصر البلد الزراعى يستورد كل عام قمحًا بأربعين مليونًا من الجنيهات «!!» ويوم يقال لنا لا يوجد لكم قمح فمعنى ذلك تحكمهم فى أرزاقنا، لذلك ينبغى أن نعتمد على أنفسنا فى بناء وطننا الجديد! وتعداد المصريين «22 مليونًا» دخلهم القومى «660 مليونًا من الجنيه»، يعنى دخل الفرد فى السنة 20 «عشرين» جنيهًا وفى الشهر جنيهان ونصف الجنيه، ونحن فى كل عام نزيد «350 ألف نسمة» -  ثلاثمائة وخمسين ألفًا - وبعد خمسين سنة تصبح مصر 44 «أربعة وأربعين» مليونًا والسماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة! فإذا كنا نريدأن نرتفع بمستوى حياتنا وجب أن نضع نصب أعيننا هذه الحقيقة، مستوى المعيشة فى هبوط والسكان فى إزدياد والثروة كما تعلمون»!
ونحن إذا استمرت بنا الحال كما كانت عليه فى الماضى، فماذا يكون مصير أولادنا؟ إنهم سيلاقون - ولا شك - عناء وإرهاقًا ونكون بذلك شعبًا يسير إلى الهاوية، فإذا أردنا أن نتقى شر هذه النهاية فلا بد أن يقوم الأساس قويًا متينًا وهذا لا يمكن التفكير فيه من الناحية الفردية، بل ينبغى أن يكون التفكير الجماعى هو رائدنا فى حل هذه المشكلة!
ويسترسل «جمال عبدالناصر» قائلاً لأهالى الجمالية فى خطابه: وهذه المشكلة الكبرى لا يمكن حلها إلا بأن تصبح بلادنا زراعية صناعية معًا، ولكننا لا نجد المال اللازم لمشروعاتنا الإنتاجية وهذه المشروعات تحتاج إلى مال أجنبى! لكن الاحتلال - الإنجليزى - أيها المواطنون يحاربنا هناك إنه سيعمل بكل الوسائل على منع أى مدد تأتينا من الخارج لماذا؟! لأن كل حجر نضعه فى بناء الصناعة سيكون سبييلاً إلى تقويتنا وسنكون به أمة ذات خطر ونكون دولة ذات قوة!!
وفى خطاب آخر يقول بكل صراحة فى لقائه مع أهالى «سمنود» فى أول مايو سنة 1954:
«إننى من الريف وأعلم أن معظم مطالبكم تنحصر فى المدارس والمستشفيات وتعبيد الطرق وتوفير الماء اللازم  للشرب، فاعلموا يا إخوانى أننا نسير فى تنفيد هذه الأمور بالتدريج! وكل فرد يظن أن جميع الطلبات استجاب فورًا فإنه يكون واهمًا لأن ذلك يحتاج إلى وقت طويل، فلن نخدعكم كما خدعوكم فى الماضى ولكن المثل العامى يقول: «على قد لحافك مد رجليك»!
وتتكرر نفس الشكوى من الزيادة السكانية الرهيبة منذ قيام ثورة يوليو 1952 وحتى الآن - خمسة وستين سنة  - ونحن نعيد ونزيد فى نفس الموال، وليس سرًا أننا تجاوزنا بحمد الله التسعين مليون نسمة، بمعدل طفل كل 15ثانية أو أربعة أطفال كل دقيقة، وهو أمر يفوق الاحتمال ولا تحتمله قدرة الدولة!!
لا بد من حلول وابتكارات - خارج الصندوق - لحل هذه المشكلة المزمنة التى فشلنا فى حلها أو علاجها، وما أكثر المليارات التى صرفناها على حملات فاشلة للتوعية لم يكن لها أى مردود، ولو تم توجيه هذه المليارات كحوافز للأسر المصرية لربما أتت بنتيجة!
ولنتذكر جميعًا المثل «على قد لحافك مد رجليك».