الخميس 1 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«عنب ديب» تعيد يوسف صديق للمشهد

«عنب ديب» تعيد يوسف صديق للمشهد






 قرأت خلال إجازة العيد رواية مخطوطة للمترجم القدير زين العابدين سيد محمد، وهو أحد المترجمين المتميزين فى المسرح الرومانى، وفى الحقيقة وجدت كاتبا روائيا جيدا بعد قراءة ما يزيد على 150 صفحة، يستطيع الكاتب زين العابدين أن يمسك بتلابيب السرد بجدارة ، كما أنه قادر على بناء شخصيات روايته بناء محكما، وتدور الراوية حول تيمة أن بعض الآباء/ الثورات يمضغون الحصرم و يتضرر من ذلك الأبناء كما يقول المثل الشعبى، فالثورة نفسها هى أكلت بعض أبنائها، وبعض الآباء كانوا السبب فى ضياع أبنائهم، وتناولت الرواية تلك الأزمة من خلال شخصية «أبو الرجال»، الرجل المصرى الشهم الذى خدم فى كتيبة يوسف صديق التى تحركت قبل موعد الثورة بقليل، وكان لتحركها السبب الرئيسي فى نجاح الثورة، ويواصل أبو الرجال الشهم مواقفه فى الدفاع عن المظلومين فى القرية، خاصة جرجس الذى أراد بعض طواغيت القرية أن يأخذوا حقوقه ولكنه وقف أمامهم، كما أنه وقف أمام جبروت الضابط خالد الأنصارى الذى كان يجبر من يدخل حجرته أن يخلع حذاءه، ولكنه يرفض أن يفعل ذلك ويرد على الضابط الكبير كلمة بكلمة، ويشعر الأنصارى أنه أمام مقامرة كبري و عليه أن يتجاوز  الموقف، بعيدا عن أى تنازل.
   يستطيع الكاتب و المترجم زين العابدين محمد  أن يجعل معادلا موضوعيا لحكاية الثورة التى أكلت بعض أبنائها، وذلك بشخصية «أبو الرجال» و ابنه عمرو  الولد المجتهد جدا الحاصل على المركز الأول فى كلية الحقوق، ويفشل أن يكون وكيلا للنيابة أو معيدا بالكلية، فى الوقت الذى يتصدر المشهد من هم أقل منه، فيقرر أن يذهب ويترك الأسرة ليعيش فى ليبيا، ويعمل كعامل بسيط، يعلل الروائي السبب فى عدم قبول عمرو فى النيابة بسبب قتل والده لأربعة من أبناء عمومته فى الدفاع عن نفسه، ويحمل عمرو والده مسئولية فشله، فهو الذى أكل الحصرم (العنب ديب) ويتضرر من حوله، فالأب قتل دفاعا عن النفس والابن عمرو هو الذى دفع الثمن.
واستطاع الروائي أن يقيم حالة من الثنائيات الجيدة داخل الرواية، مثل ثنائية العلاقة بين صلاح وعبدالرازق وزوجته عفاف، فقد أقام العمدة صلاح علاقة غير شرعية مع عفاف زوجة عبد الرازق، الكاره لأبى الرجال ابن عمه، الذى يعمل فى الكويت، ولا يجنى فى النهاية إلا رصاصة من جنود الغزو العراقى حين احتل الكويت ،لأنه كان يرتدى الزى الكويتي نفاقا، فى الوقت الذى ينجو منه صلاح، حين أكد له الجندى العراقى أنه من المصريين . فيتركه ليغادر المكان.
ومن الثنائيات المهمة التى رصدها الروائى، علاقة أبو الرجال ببندقيته الألماني التى كان يحملها على كتفه دائما، وكم أقام الكاتب عددا من الحوارات المهمة بين الاثنين، وأجاد جدا فى وصف العلاقة التى وصلت فى تصورى لدرجة العشق بين الاثنين وكانت تعتبرها زينب زوجته الثانية، ولم لا؟ وهى التى ساعدت فى الدفاع عنه عدة مرات، حين هجم عليه أبناء عمه أكثر من مرة، كما أكد على سيطرة و سطوة السلطة والمال والفساد فى قتل أبناء الفقراء الذين  حلموا أن يصلوا إليهم، وذلك من خلال علاقة الضابط أشرف عبدالكريم ابن مجلس الشعب والطالبة مريم التى أقام معها علاقة وأراد أن يجهضها، لكنه يفاجأ أن مرحلة الإجهاض قد مرت، وهنا يجد الضابط المعتدى نفسه فى أزمة.
  وفى النهاية سوف يستمتع القارئ برواية سوف يجد فيها عدة عوالم وعدد من الشخصيات اللافتة فى الرواية التى سوف تحتفظ بذاكرة طويلة مثل شخصية «أبو الرجال».