الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كشك الخليج

كشك الخليج






مخطئ من يعتقد أن شبه الدولة القطرية تُمارس حالة من الندية مع دول المقاطعة العربية، إياك أن تتخيل أنها تدافع عن سيادة.. ليس هناك سيادة أساسًا لشبه دولة، لو كان هناك سيادة لما كنا قد وصلنا إلى الوضع الراهن، الكيان القطرى وقبل اكتمال مشروعه لدولة حقيقية وقع فى براثن أوهامه بأن الدول يمكن أن تنشأ كبيرة دون سند من تاريخ أو تجارب، وأنه يمكن الوصول إلى مواقع القيادة الإقليمية بالقفز على الواقع وقبل اكتمال مراحل النضج الحتمية لأى دولة، فكانت كمن اختار بإرادته الحرة الصعود إلى الهاوية، وليست صدفة أنها تكرر نفس تجربة الجماعة الإخوانية فى مصر التى قفزت على السلطة فجأة دون وضع أساس حقيقى لمشروعها فكان سقوطها المدوى والسريع حتميا.
لا تصدق أن إجراءات المقاطعة لم تؤثر على حالة الدولة القطرية غير المكتملة، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا تنفق مليارات الدولارات لشراء الذمم السياسية والمساحات الصحفية؟ لماذا تعرض فى الخفاء ترحيل الإخوان إلى تركيا؟ لماذا انزعجت من الوثيقة المسربة بتهديد وهمى بالانسحاب من مجلس التعاون الخليجى؟ ولماذا لم تنسحب بالفعل؟.. الحقيقة التى لا يمكن إنكارها أن المقاطعة نجحت فى إظهار الحجم الحقيقى لهذا الكيان القطرى، أظهرت مدى السيطرة الإخوانية على الحالة القطرية، كما أظهرت افتقادها لأى قدرات للإدارة الذاتية، ومن الخطورة ما أظهرته من سقوط شبه الدولة القطرية رهينة لجماعات الإرهاب الدولى فلم يعد باستطاعتها الفكاك من صفقاتها التى انكشفت مع تنظيمات الإرهاب، ولم تعد قادرة على دفع فواتير التخلص من تلك الجماعات، كما أن حجم التجريح الذى حدث فى تواصلاتها الخليجية لا يمكن إصلاحه، فباتت كمن يحفر حول نفسه خندقا مكتمل الدائرة، معتقدا أنه يمنع المحيطين به من الوصول إليه، بينما فى الحقيقة يمنعه من التواصل مع محيطه الخارجى نحن أمام احتمالين لا ثالث لهما، إما أن تنجح المقاطعة فى حملة التأديب السياسى لقطر وتخضعها لحجمها الطبيعى وتفرض عليها اتفاقات ملزمة وتعيدها إلى مكانها وسط محيطها الإقليمى وهو الاحتمال الأكثر أمنًا لشبه الدولة الناشئة، وإما أن تستمر قطر فى حالة عنادها المصطنعة  استقواء بأطراف إقليمية ودولية وفى هذه الحالة ستنهار فكرة الدولة تماما وتتحول إلى محطة مستباحة لا يمكن أن تقوم لها سيادة.
الأقرب للحالة القطرية هو الاحتمال الثانى فتكون بذلك قد كتبت نهايتها كدولة محتملة، إلا أنها ستظل ملزمة بدفع إتاوات سياسية ومالية إلى الأبد لكل من شارك فى إيهامها برفضه للمقاطعة، كما ستظل أسيرة لحالة ابتزاز أبدية لن تتحملها هشاشة الدولة ناقصة النمو، ولن تقوى عليها الأجيال القطرية الناشئة، بعدما قررت التخلى عن الحاضنة الطبيعية لها خليجيًا وعربيًا.
وإذا عدنا إلى أسباب المقاطعة التى انكشف بعضها سنجد أن من بين أخطر الاتهامات هو التواصل القطرى مع جماعات الحوثيين ودعمها فى مواجهة الدولة السعودية لحساب النفوذ الإيرانى الفارسى الشيعى، ثم نجد قطر وقد تحولت إلى أهم حاضنة لتنظيمى الإخوان وداعش المعروفين بتوجههما السنى، وفى نفس التوقيت تستمتع بالقاعدة التركية على أراضيها بينما تتحدث عن السيادة، وتسارع فى وتيرة التجنيس لتقنين حالة نضوب الكوادر والموارد البشرية القطرية لتكون أول دولة تضع خطة لتسليم نفسها إلى غير أهلها، وتجاهر بممارسة الرذيلة السياسية دون تمييز كمن فشل فى مقاومة الاغتصاب السياسى فقرر الاستمتاع بالحالة! ومهما كانت نتيجة المقاطعة فإنه لا يمكن إنكار أنها أخضعت ما يسمى بشبه الدولة القطرية لحالة من التحليل والفحص المجهرى التى أفرزت حقائق ومعلومات كشفت عن غياب تام لفكرة ومقومات الدولة، ويقينًا فإن هذه التجربة لا يمكن أن تخرج منها قطر غانمة بعدما خسرت محيطها الإقليمى تماما والحاضن الوحيد الذى كان يمكن الارتكاز إليه لبناء دولة محصنة بروابطها الخليجية والعربية، ولكن الحالة القطرية لم تخضع للميكروسكوب العربى فقط، بل لحالة من العبث والتجريب الإقليمى نجحت فى كشف حجم هشاشتها مما سيعرضها لمعدلات متزايدة من التجريب والاستخدام، لتقدم نموذجًا مشابهًا لفأر التجارب الذى تجرى عليه عمليات الفحص التى لا يجوز إخضاع البشر لها، قطر هى شبه الدولة التى ستظل خاضعة للتجارب الدولية التى لا يمكن تطبيقها على الدول الحقيقية.