
محمد صلاح
نماذج مصرية مشرفة
مريم بنت البواب، وعبدالراضى ابن الفلاح، مثل العشرات من أوائل الثانوية العامة، نماذج مصرية مشرفة، بإصرارهما وعزيمتهما وطموحهما تفوقًا فى دراستهما حتى أصبحا مثار حديث داخل الأسر المصرية، وأمنيات بأن يكونا مثلًا وقدوة لأبنائهما.
مريم وعبدالراضى، مثل باقى المتفوقين، تحديا الصعاب، وحققا الإنجاز فى المدارس الحكومية ذات التعليم المجانى، ودون دروس خصوصية أو صراع للالتحاق بالمدارس الخاصة أو الدولية ذات «الباصات» المكيفة، التى لا تتعامل إلا بالدولار، فالرضا كان الحافز الأبرز لتحقيق هذا الإنجاز الكبير.
عندما ترى قناعة ورضا مريم، التى تعيش مع والدها ووالدتها وشقيقاتها الأربع فى غرفة واحدة، وتحديها للفقر، وعدم خجلها من مهنة والدها أو ظروفها الاجتماعية، يتأكد لديك يقينا أن الخير مازال موجودًا فى نسبة كبيرة من شباب هذا الوطن بفئاته المختلفة، رغم الحالة التى يعانى بعض الشباب المغيبين من تأثير المخدرات أو مسلوب الهوية والإرادة أمام مواقع التواصل الاجتماعى.
مريم، بتربيتها وتواضعها، لم تخجل لحظة من منزلها المتواضع، بل أصرت على نشر صور غرفتها التى يعيش فيها سبعة أفراد عبر وسائل الإعلام المختلفة، كما لم تشعر بالنقص والإحباط بسبب حيازتها هاتفاً لا يوجد به هذا السرطان الذى يسلب عقول الشباب والأطفال تحت مسمى مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك .. واتس آب.. تويتر».
والمثير أن تلك الفتاة لديها عزة نفس كبيرة جدًا، ولم تنظر لما هو موجود فى يد أقرانها، أو الإغراءات التى بدأت تنهال عليها بعد تفوقها فى الثانوية العامة، فرفضت الهدايا التى أعلن أحد أصحاب محال المجوهرات تقديمها لها، كما رفضت السفر مع رحلة أوائل الثانوية دون استئذان والدها.. مريم.. حقا نموذج مشرف لكل فتاة مصرية.
عبد الراضى علام ابن أسيوط لم يختلف كثيرا عن مريم، فقد واجه كثيرًا من التحديات حتى تفوق فى الثانوية العامة وحصل على 409 درجات، فقد نشأ فى أسرة بسيطة، وفى منزل يفتقد لأبسط مقومات الحياة، فوالده فلاح بسيط، أصيب بمرض الفشل الكلوى قبل عامين، وحرص الطالب على حمل والده إلى جلسات الغسيل الكلوى.
ونظرا لضيق ذات اليد، لم يحصل عبدالراضى على دروس خصوصية، ولم يشتر كتبًا خارجية، وكان يذاكر 10 ساعات فى الكتاب المدرسى، حتى أصبح من أوائل الثانوية العامة، ويستعد لبناء مستقبله فى كلية الطب، التى يخشى من مصروفاتها المادية.
ويجب ألا ننسى الطالبة نيرة نادر عبد الرازق، التى حصلت على 98.5%، إحدى فتيات محافظة الدقهلية التى وافتها المنية عقب إعلان النتيجة مباشرة، إثر تعرضها لوعكة صحية، حيث لم يتحمل جسدها النحيل فرحة أن تكون من العشرة الأوائل، وظلت ذكراها باقية، فهى مثال وقدوة لباقى زملائها، حيث كانت معروفة فى قرية ضافر التابعة لمركز دكرنس بتفوقها وحسن خلقها.
الفقر لم ولن يكون يوما عائقا أمام التفوق والنجاح، فكثير من العلماء والمشاهير لم يولدوا فى القصور، وعلى الدولة ورجال الأعمال ومؤسسات المجتمع المدنى تبنى تلك المواهب ليكونوا علماء المستقبل.