الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«اوعى تعلى الواطى»!

«اوعى تعلى الواطى»!






لم يخطئ الرجل الثمانينى الذى خبر الزمن وعرف الرجال عندما اتكأ على كتفى فى نظرة عميقة موجها حديثه بقوله: «اوعى تعلى الواطى»!
 بادرت بسؤاله عن السبب فسارع بالاجابة «لن تتمكن من اعلاء شأنه مهما بذلت من جهد أو عطاء، لكنه حتما سيتمكن من الحط من قدرك»!
مرت السنوات ولم تبرح الحكمة الذهبية أذنى أو تغادر عقلى..  أثبتت التجارب صحتها، أكدتها التعاملات اليومية مع صنوف البشر من أشباه البشر وأنصاف الرجال، لم تتمكن الأموال أو المناصب أو أبواب الشهرة من الارتقاء ببعض أصحابها من المفلسين انسانيا بلا رصيد من شهامة او نخوة.
لم يتمكن المفلسون انسانيا من الارتقاء بأنفسهم يوما بعدما فقدوا السيطرة على طبائعهم الغالبة وعلى مواقفهم وتصرفاتهم، لكن الخطورة أنهم اعتقدوا أنهم يمكن أن يعاملوا الدولة كما يتعاملون مع بعضهم البعض بلا أدنى التزام انسانى او اخلاقى أو رجولى، لا يكفون فى مجالسهم الخاصة عن التنظير لأحوال الدولة وتصرفات الرئيس بينما يهرولون اذا ما أشار لهم أصغر مسئول، يستمتعون بهواية جمع أرقام هواتف المسئولين ويرتعدون من افتضاح أمر تلك العلاقات الرسمية التى تفرضها عليهم مناصبهم الصحفية أو الإعلامية، مثلهم كمثل امرأة تخشى ان يكتشف صديقها علاقتها بزوجها!
لا يكفون يوما عن التسويق لأقرانهم من المستعبدين المستبعدين، لا يملون عن محاولات إقناع رجال الدولة بنظرية الاحتواء والتقريب والتدليل، يوهمون الدولة بخطورة تجاهل رفقائهم على المقاهى، يروّجون لحالة رعب وهمية قد تتعرض لها الدولة اذا ما استمرت فى تجاهل من يصفون  أنفسهم برموز النخبة،  يبحثون لأصدقائهم العاطلين بإرادتهم عن أدوار لتسلية أوقاتهم، يمارسون الخداع على الدولة بأنها تتعرض لخسارة مهولة جراء تجاهلها لتلك النخب التى تمتلك رصيدا من الخبرات التى لم يتم اختبارها، لكن الحقيقة الدامغة وسط تلك الأكاذيب أنهم يعرفون حقيقة أنفسهم وأقرانهم جيدا فلا يكفون عن محاولات إغواء الدولة لاستخدامهم هم وأشباههم الذين أتاحت لهم الظروف أموالا وشهرة إعلامية وحيثيات مجتمعية وهمية، إلا أنهم أبدا لم ينشغلوا بالارتقاء بنفوسهم الفقيرة انسانيا ورجوليا.
لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خَبَالا، المرجفون الجدد يلتفون حول رجال الدولة يظنون أن البلاد تدار فى جلسات السمر، لا يحفظون للمجالس حرمتها، يأتون محملين برسائل ويعودون حاملين لانطباعات، قرارهم الوحيد هو الاستمرار فى حملة علاقات عامة والانضمام لعضوية الشلل المختلفة، ومن فرط ادراكهم لحقيقة انفسهم لايكفون عن البحث عن صنم سياسى يضفون عليه أوصافًا وقدرات خيالية لعلهم يجدون فى صنمهم تعويضا عما بداخلهم من نقص اخلاقى ومهنى، فتارة تجد هذا الصنم كاتباً مشهوراً منحهم القدرة على صياغة المصطلحات دون مضمون، وتارة اخرى تجده وافدا من الخارج لا يسيطر على لهجته المصرية، وفى كل الأحوال تكون الدولة مطالبة بالاحتواء.
يعتقدون انهم فى كل مرة قادرون على جس نبض الدولة، قادرون على وضع الرئيس تحت الضغوط لاختبار ثباته الانفعالى، وعندما تكتشف القيادة خواءهم الإنسانى يسارعون فى اسباغ أوصافهم المعلبة على الرئيس «الرئيس انفصل عن نبض الشارع»، «السلطة نجحت فى تغيير الرئيس سريعا»، «الرئيس لم يعد بوسعه الاستماع للنقد».
يمارسون هوايتهم فى محاصرة الرئيس الذى اكتشف حقيقتهم وأوزانهم النسبية، لا يدركون انهم قد خضعوا من قبل لاختبارات الدولة فى الاحتواء فانفضحت نفوسهم وألاعيبهم ومازالوا غير مدركين.. يخادعون الدولة ومايخدعون إلا أنفسهم!
لاينقطعون عن محاولات استدراج القيادة الى دائرة الاحتواء ليمارسوا هوايتهم المفضلة فى الاحتواء المعاكس، يعتقدون انهم بإمكانهم استخدام الدولة لصالح اهوائهم وشهواتهم السياسية، يظنون انهم قادرون على اقتياد الدولة الى مكاتب وشركات مشغليهم، يستمتعون بالشعور الوهمى ان الدولة تلهث وراءهم وان القيادة يجافيها النوم ويهاجمها الأرق إن لم تحتويهم، علاجهم التجاهل المتعمد، النسيان والتناسى الممنهج، الرجال لا يمكن احتواؤهم إلا بالمبادئ والكرامة والنخوة والشهامة، اما من يدمنون الاحتواء لأنفسهم ولأشباههم فهم يعترفون بأن لهم أثمان بخسة ويستجدون الدولة لدفعها.

[email protected]