الخميس 22 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«30 يونيو».. للرجال فقط!

«30 يونيو».. للرجال فقط!






لم تكن ثورة ٣٠ يونيو حدثًا عاديًا، بل أسطورة شارك فى صناعتها رجال آمنوا بحلمهم منذ اللحظة الأولى، ناضلوا من أجل الحلم واستطاعوا تحويله إلى واقع، رجال ربما لم ولن يعرف أحد أن إيمانهم بـ«٣٠ يونيو» لم يأتِ من فراغ، بل من عمق عقيدتهم بالدولة المصرية
٣٠ يونيو هى ثورة الدولة، هى عملية إنقاذ شاملة للوطن، هى لحظة توقف عندها التاريخ، من فرط قوتها فرضت إلهامها على الجميع فى حالة بطولية ملحمية قلما تتكرر فى حياة الشعوب.
كثيرون هم من التحقوا بهذه الثورة العظيمة ليس إيماناً بها أو مساهمة فى بنائها، بل ركوباً للموجة خشية التعرض للدهس الجماهيرى من الحشود الثائرة، وهم الآن ينقلبون على أعقابهم ليس لأن الثورة قد انطفأت جذوتها بل لأن مخزون الرجولة بداخلهم قد نفد رصيده ولم يعد بإمكانهم الصمود لمبادئهم فراحوا يعيبون الثورة والعيب فيهم.
الثورة فكرة لاتموت، قيمة تتوارثها الأجيال لايدركها إلا من ناضل وحمل روحه على كفه من أجل هذا الوطن، أما راكبو الأمواج فيظلون مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، يخضعون لحركة المد والجذر السياسى ذهاباً وإياباً، يناضلون نضالاً مجانياً دون حياء سياسى أو إنسانى، يعودون إلى بيوتهم كل يوم تحاصرهم حقائقهم فى وجوه أبنائهم وفى مرايا غرفهم.
للثورة رجالها الذين ناضلوا من أجلها، الذين لم تقبل نخوتهم ومروءتهم أن يقع وطنهم أسيرا لتنظيم عصابى، أما مرضى التثور اللاإرادى فقد عادوا أدراجهم وراحوا يحاولون تعريتها بعدما تعروا سياسيا، ولم ينفكوا عن ترويج أكاذيبهم بأن الجمهور قد انفض عن ثورته، غير مدركين أن الثورة هى من انفضت عنهم، غير مدركين أن الثورة قد أخضعتهم مرات عديدة لاختبارات الرجولة والعطاء والتضحية فانكشفت معادنهم الهشة واستطاعت الثورة تنقية نفسها بنفسها من الشوائب التى علقت بها.
هى ثورة متفردة إنسانياً وحركياً، هى حقًا ثورة الرجال ليس توصيفًا للحالة الذكورية بل توصيفًا لحالة الشهامة التى استطاعت العديد من سيدات مصر أن تقدمها قولاً وعملاً دفاعاً عن وطنها، بينما انكشف مدعو الرجولة الذين كانوا سبباً فى تسليم البلاد لجماعة الإرهاب التى لم تقم لهم وزنا ولا قيمة وحسبت أن الجميع على شاكلتهم ففوجئت بالرجال يكسرون شوكتها عشية ٣ يوليو، إلا أن عظمة الثورة قد خلصتها من أدرانها منذ اللحظة الأولى لفض الاعتصام الإرهابى المسلح، فأطلق عرابهم المستقيل المنسحب إشارة التقهقر والاستسلام من الجولة الأولى فى معركة الوطن.
المنفضون عن الثورة لم يكونوا جزءاً منها فى أى لحظة، يسوقون لانحسارها لأن مخزون الصمود والعطاء بداخلهم لا يمكنهم من الاستمرار فى التحمل والعطاء، نفوسهم المهزومة تسيطر على أفعالهم وسلوكهم فيحاولون إسباغ الثورة بأوصافهم الضعيفة حتى لايكونوا مطالبين بأى مسئوليات، عقولهم المحدودة تحول دون إدراكهم لمعنى العطاء والإيثار، يشوهون كل مايحيط بهم من قيم وبطولات حتى لايتعرضوا للانكشاف، ظنوا أن الثورة يمكن أن تكون وسيلة لغسيل السمعة أو الأموال فوجدوا رجالاً لا يبغون إلا وجه الله والوطن، فلم يعد أمامهم إلا الاغتيال المعنوى لهؤلاء الرجال الذين يذكرونهم بأحجامهم وأوزانهم الحقيقية التى تكاد لا ترى بالعين المجردة.
 لو أن الثورة قد خفتت شعلتها لتوقفت الحملة الدولية ضد مصر، لو أن الثورة قد انحسرت لتوقف الإرهاب، لو أن الثورة قد تراجعت لعاود التنظيم الإخوانى الإرهابى الظهور فى المشهد، لكن للثورة مراحلها التى لا يدركها إلا الرجال، وهى الآن قد تجاوزت مرحلة المنظرين النخبويين وانطلقت نحو البناء الذى لاتقوى عليه أيديهم ونفوسهم المرتعشة.
المرتعشون الجدد ظنوا أن الثورة مطية لهم ولمشغليهم، فتجاوزتهم وعرفت رجالها الذين عرفوها من قبل، وانطلقت بشعارها الصلب نحو المستقبل «للرجال فقط والمرتعشون يمتنعون»، يغتابون الثورة فى مجالسهم الخاصة على المقاهى ويهرولون ويزحفون سعيا لأى دعوة من أصغر مسئول فى الدولة، يحاولون إعادة الثورة إلى الوراء، يحاولون تقليصها لتكون مناسبة لقدر أحجامهم الضئيلة، هم حقا «ترزية الثورات» ومنكشفو العورات.