الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«الحنين إلى الكلبشات»!

«الحنين إلى الكلبشات»!






أتخيل أنى التقيت «صلاح دياب» صدفة، فلم أستطع أن أسيطر على لسانى وبادرت بالحديث «نهيتك ما انتهيت والطبع فيك غالب».
إلا أنه لم يستوعب على ما يبدو، لكنى لاحظت أنه قد اكتسب عادة جديدة بعد بلوغه أرذل العمر، الرجل يعانى من الحساسية المفرطة التى تظهر حول معصميه والتى أصابته فى آخر مرة التفت حولهما القيود الحديدية  التى أصابته بنوع نادر من الاستمتاع الذى لا يتحقق إلا كلما أحاطت الكلبشات بمعصميه، وكلما زاد إحكامها عليه زادت متعته، فتركت لديه حالة نفسية يمكن تسميتها بالحنين إلى الكلبش!
 الرجل لا يكف عن الحك فى معصميه كلما فارقتهما الكلبشات، تتوتر أعصابه، يجافيه النوم كلما اشتدت عليه أعراض الحساسية، وفى أوساط المقربين منه يتردد أنه قام باستيراد قيد حديدى صناعة أمريكية يرتديه سرًا كل يوم حتى يتمكن من النوم، وفى الصباح يختلى بنفسه لالتقاط الصور السيلفى مع كلبشه المفضل، وطوال النهار لا تفارقه حالة «الحنين إلى الكلبش» كلما اشتدت عليه أعراض الحك الجلدى.
احتار صلاح فى أمر نفسه وكلبشه، ونصحه بعض أصدقائه بعدم إهمال الحالة التى قد تتزايد أعراضها، ونصحه آخرون بتفصيل كلبشات احتياطية توفيرا لنفقات الاستيراد بعد ارتفاع سعر الدولار.
 هل تعلم أن صلاح كان من أكثر المتابعين لمسلسل «كلبش» ذلك العمل الفنى البديع الذى عرض فى شهر رمضان؟!..  مجرد ظهور اسم المسلسل على الشاشة كان يريحه نفسيا، ولم  يتمالك نفسه من السعادة بعد الإعلان عن جزء ثان من المسلسل، لكنه لم يستوعب أنه إذا كان المنتج يملك جزءا ثانيا من المسلسل فإن الدولة تملك نسخا لا تعد ولا تحصى من الكلبشات لا تحيط بمعصم إلا من يطلبها ويشتهيها.
لكن هل يعلم صلاح دياب أن استخدام الدولة للقيد الحديدى واسمه الدارج «الكلبش» هو إجراء قانونى سليم؟ لكن صلاح سيكون صاحب براءة الاختراع لاستخدام الكلبش كإجراء للعلاج النفسى، ومن قبل سبقه منتجون استخدموا الكلبشات فى الأفلام الإباحية، وآخرون استخدموها فى الأفلام السينمائية، إلا أنه لم يتطرق أحد لحالة «دياب» التى يمكن أن يقع فيها الشخص أسيرا لإدمان القيد الحديدى!
لا نملك هنا إلا أن نتضامن مع صلاح الذى يعانى ألما نفسيا طوال النهار حيث لا يمكنه ارتداء الكلبش أمام العامة الذين لن يستوعبوا ما يمر به نفسيا، أو قد يتذكر البعض الفنان عادل إمام فى فيلم «حنفى الأبهة» فينتقل الاسم الجديد إليه ويصبح «صلاح الأبهة»!
حالة صلاح محيرة بالفعل، أعجزت الطبيب والقريب، الجميع يمد يد العون له دون جدوى، ووصل الأمر إلى أن بعض المقربين منه استغلوا المناسبات المختلفة لتقديم الكلبشات بأشكالها المتعددة كهدايا لصلاح لعلها تساهم فى تخفيف آلامه، البعض الآخر نصحه بلقاء مسئول فى مصلحة السجون ربما وجد عنده قصة عن حالة مشابهة، آخرون نصحوه بقضاء إجازة طويلة فى قرية «كلابشة» جنوب أسوان،  ولم يتوان صلاح عن تجريب جميع الحيل، إلا أن حالته ازدادت سوءا، وداهمته حالة الحك والاحتكاك كلما فارقت القيود معصميه، وبدا أكثر انضباطا وانسجاما مع محيطه كلما أعادت القيود التفافها وإحكامها حول رسغيه.
لجأ صلاح إلى العّرافين والحدادين والسباكين ولم يجد شفاء لدائه عندهم، توجه إلى المنتجين فأنتج ألبوما غنائيا بعنوان «كلبشونى» مقتبسا من عمرو دياب ألبوم «عودونى»، وراح يستمع له طوال النهار للتخفيف من أرتيكاريا الحك دون جدوى، الحالة تزداد سوءا وصلاح يعانى كلما فارق الكلبش يده، ومازال ينتظر أن يحل الليل فيرتدى كلبشه ويغط فى نوم عميق ثم يعود إلى معاناة الصباح وهكذا.
اليأس تمكن من صلاح لكن لكل داء دواء، المحيطون به يشفقون عليه، يخفون عنه أن نفس المرض بنفس الأعراض قد أصاب نجله «توفيق»، حالة من الرعب انتابت العائلة خشية أن يكون مرضا وراثيا، صلاح الذى تحمل رأسه العديد من البطحات تجعله عرضة لمزيد من الكلبشات، لكن لا نملك له إلا الدعاء بالشفاء، لا نملك إلا أن نناشد الدولة بأن تشمله برعايتها وتوفر له الجرعة المطلوبة فى موعدها كلما اشتد عليه الألم.