الجمعة 16 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«أفيونة الأفندية والبهوات»

«أفيونة الأفندية والبهوات»






الرشوة تحولت إلى أسلوب حياة بين قطاع عريض من المصريين، وأصبحت «أفيونة» الموظفين الملقبين بـ«الأفندية» الذين لا يملون من ترديد عبارات «كل سنة وانت طيب يابيه» والإكرامية يا باشا».. وامتد مفعولها إلى «البهوات» من كبار المسئولين، «حيتان الفساد» الذين امتلأت كروشهم بالمال الحرام، فعدد غير قليل من موظفى ومسئولى المؤسسات الحكومية، يرفعون شعار «ابرز تنجز.. وأبجنى تجدنى.. وشخلل عشان تعدى.. وما ينفعش ده يا بيه ورايا طابور طويل عاوز يتراضى».
سقوط سعاد الخولى، أول امرأة شغلت منصب نائب محافظ الإسكندرية، ومن قبلها وزراء ومسئولون كبار، فى قبضة رجال هيئة الرقابة الإدارية، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الفساد لم يفرق بين رجل وإمرأة، وأن النفس البشرية ضعيفة أمام إغراءات المال الحرام، حتى لو كان ذلك على حساب مصلحة الوطن، المهم أنهم ينهبون المال العام، ويعيشون فى القصور والفيللات، بينما يعيش غالبية الشعب على الفتات، ويعانون من ضيق العيش، وارتفاع الأسعار.
الضربات المتتالية التى تشنها هيئة الرقابة الإدارية برئاسة اللواء محمد عرفان، لأوكار الفساد بالجهاز الإدارى للدولة، تذكرنا بتكليف الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال مؤتمر الشباب فى نوفمبر الماضى بالتصدى للفساد فى مختلف مؤسسات الدولة، بهدف إقرار دولة القانون، وهى حرب لا تقل خطورة عن مواجهة الإرهاب.
ولكن السؤال الذى يطرح نفسه، هل الحكومة الحالية والحكومات السابقة شركاء فى آفة الفساد؟، نعم هم شركاء، باختيار القيادات والمسئولين الفاسدين، وعدم إعداد تقارير رقابية جادة، فالشخصيات العامة لم تنحرف بمجرد جلوسها على الكرسى، ولكن لديها جنوح نحو الفساد على مدار تاريخها الوظيفى.
الحكومة أيضا تحرض صغار وكبار الموظفين على الفساد، عندما تقرر تعيين معاونين للوزراء يقل سنهم عن 40 عاما، فما هى خبراتهم ومعايير اختيارهم ليتقاضوا 42 ألف جنيه راتبا شهريا، وهذا المبلغ يعادل راتب الوزير، فهل يتساوى المعاون مع الوزير؟، إلا إذا كانت الحكومة تخالف القانون ويتجاوز راتب الوزراء الحد الأقصى بالمخالفة للقانون والدستور.
التفاوت الكبير فى مرتبات العاملين بالحكومة، يجعل الموظفين وكبار المسئولين الذين يتراوح راتبهم ما بين 1200 و5000 جنيه، يتفننون فى نهب المال العام، فعلى الحكومة أن تعدل من تشريعاتها وتغلق أبواب الفساد، وتحقق العدالة الاجتماعية فى المرتبات.
ميراث الفساد طويل وممتد إلى عصر الفراعنة، حيث سجلت البرديات أول قضية رشوة عندما قدم رئيس العمال فى عهد «سيتى الأول» هدية للوزير لاستمراره فى منصبه، ورشوة أخرى إلى قائد الشرطة من أجل تسهيل فتح وسرقة ثلاث مقابر، وعندما تعاظمت الرشاوى وأصبحت خطراً أصدر « حور محب» قانونا يقضى بإعدام الموظف أو الكاهن الذى يقبل الرشوة، ومرسوما من الملك «سيتى الأول» بقطع أذنى وأنف الموظف الذى يستغل وظيفته من أجل مصالحه الشخصية.
ونحن الآن بحاجة إلى السير على درب الفراعنة بإعدام المرتشى وقطع أذنيه وأنفه ليكون عبرة لمن لا يعتبر.