الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قلم الرقيب يذبح قلم الأديب!

قلم الرقيب يذبح قلم الأديب!






بعد شهور قليلة من تخلى د.محمود عزمى عن رئاسة تحرير جريدة «روزاليوسف» اليومية أصدر رئيس الوزراء «على ماهر باشا» قراراً بتعيينه مديراً للرقابة!
ورغم غرابة قبوله للمنصب فقد كتبت «روزاليوسف» تقول: قوبل تعيين الأستاذ «محمود عزمى بك» مديراً للرقابة بارتياح كبير من الصحفيين وغير الصحفيين، أما كيف قابل الأستاذ «عزمى بك» هذا التعيين فهذا شىء يسأل عنه «عزمى بك» وطبيبه الخاص الذى لا يصرح له بغير نوبة غضب واحدة فى اليوم، على ألا تستمر أكثر من دقيقة أو دقيقتين!
ويجلس الآن «عزمى بك» وأمامه المصلحة العامة ووصايا الطبيب ورغبات الزملاء فيرفع وجهه إلى السماء ويدعو الله أن يديم عليه السرور!
وقد كان فى النية تأليف لجنة من الصحفيين تقوم بجانب مدير الرقابة كما حصل فى إنجلترا ولكننا سمعنا أخيراً أنه ليس هناك حاجة إلى هذه اللجنة بعد تعيين الأستاذ «محمود عزمى بك» الذى يعتبر فى نظر الجميع عدة لجان صحفية قائمة بذاتها».
كواليس ما جرى يرويها فيما بعد الأستاذ «مصطفى أمين» وكان وقتها يرأس تحرير مجلة آخر ساعة، وتبدأ القصة عندما ذهب الأستاذ مصطفى أمين إلى رئيس الوزراء «على ماهر باشا» يشكو له ما فعله الرقيب بمواد ومقالات آخر ساعة بناء على تعليمات صاحب العزة «محمد شعير بك» رقيب نشر الذى شطبها بالكامل!
ويقول الأستاذ «مصطفى أمين»: وأسقط فى يدى وأسرعت إلى «على ماهر» فى مكتبه برئاسة مجلس الوزراء وأقول له إننى قررت اعتزال الصحافة فلا يمكن أن تصدر صحف ومجلات فى ظل هذه التعليمات، وشاهد «على ماهر» ما شطبه الرقيب فلم يصدق عينيه وقال إنه سيصدر قراراً بتعيين صحفى مديراً للرقابة، وإنه سيصدر هذا القرار بعد بضعة أيام!
قلت إن معنى هذا ألا تصدر الصحف بضعة أيام، فأسرع وكتب على ورقة قراراً بتعيين الدكتور «محمود عزمى» مديراً للرقابة، وطلب منى «على ماهر» أن أتصل بالدكتور «محمود عزمى» لأطلب إليه أن يتولى الرقابة فوراً، ولكن عزمى أراد مهلة كى يستعد لتولى هذه المهمة الخطيرة، ورحت أتوسل إليه أن يقبل فوراً فإن حياة كل الصحف مهددة، وأن كثيراً من الصحف مضطر إلى التوقف!
وقال الدكتور «محمود عزمى» إنه مستعد أن يقبل مهمة الرقابة بشرط واحد هو أن يوافق «على ماهر» على تعيين الأساتذة: «توفيق صليب» الذى كان سكرتير تحرير «روزاليوسف» اليومية و«أحمد الصاوى محمد» و«محمد شوقى» رقباء معه، لأنه لا يستطيع أن يعتمد على الرقباء الموجودين لأن عقلياتهم منحطة، وكان هؤلاء الثلاثة من أكبر الصحفيين فى تلك الأيام!
وعدت إلى «على ماهر» وطلبت إليه أن يصدر قرارًا بتعيين الفرسان الثلاثة، واتصل «على ماهر» بحسين سرى وزير المالية وطلب إليه أن يوافق على تعيين الرقباء الثلاثة بالراتب الذى اقترحه الدكتور «محمود عزمى» وصدر القرار فى الحال!
وتوهمت إننى استرحت وعدلت عن قرارى باعتزال الصحافة، ألم يصبح مدير الرقابة هو الصحفى الكبير «محمود عزمى»، ألم يصبح الرقباء ثلاثة من الصحفيين المعروفين الذين طالما انتصروا لحرية الفكر وهاجموا تعسف الحكومات!
واختار الدكتور «محمود عزمى» الأستاذ «أحمد الصاوى محمد» رقيباً على مجلة «آخر ساعة» ورحبت بهذا الاختيار، فالصاوى صديق لى وأنا الذى عملت على اختياره رقيبا وأنا الذى استصدرت القرار من رئيس الوزراء!
ودخل الصاوى إلى مكتبى فى «آخر ساعة» وأسرعت أقابله بالأحضان ولكن «عزيزى» الصاوى لم يأخذنى بالأحضان بل راح يصافحنى ببرود عجيب، ثم جلس فى مقعده وقال بشخط ونطر: أين البروفات؟!
وأسرعت أقدمها له فى احترام شديد، وأخرج الصاوى قلمه الأحمر وراح يشطب، ودهشت وبهت ولم أصدق عيني، ظننت أن صديقى يمزح معي، ولكن صديقى الصاوى قال: إن مهمتى أن أفتك، لابد أن أفتك ياعزيزي، الرقيب هو الجزار، ومقالاتك الخرفان التى أذبحها، لابد أن يسيل الدم، والقلم الأحمر مهمته هى الذبح، ثم راح يقول: الله أكبر.. الله أكبر!
ثم يشطب المقال من أوله إلى آخره، ولم تنفع توسلاتى ولم ينفع صراخي، وأنكر الصاوى أنه كان صحفيا فى يوم من الأيام وقال إنه ولد جزاراً وسيعيش جزاراً وسيموت جزاراً!
وأخيراً يقول الأستاذ «مصطفى أمين»: وإنى أظلم الصاوى إذا قلت إنه تغير أو أنه تحول من يوم وليلة من الكاتب العاطفى الرقيق إلى المستبد الجبار، إن التعليمات التى كان الرقباء يتلقونها هى التى كانت تحولهم من صحفيين إلى جزارين»!
وكم من المقالات كتبتها ولم تر النور.. جاء قلم الرقيب وبطش بها أو حذف منها سطوراً وأضاف إليها سطوراً».
وللحكاية بقية!!