
محمد صلاح
سلطان القاسمى.. الفارس النبيل
«نهضة مصر نهضة للعرب.. وأوصيت أبنائى بأن يكونوا دائما إلى جانب مصر، فهذا هو الطريق لتحقيق العزة، فمصر بالنسبة للعرب هى القلب، وإذا توقف القلب فلن تكتب للعرب الحياة».. كانت هذه وصية حكيم الأمة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى أبنائه.. فانتقلت محبة مصر وأهلها إلى قلب كل إماراتى، يفرح لأفراحها ويحزن لأحزانها، حتى صار المصريون والإماراتيون جسدا وقلبا وحلما واحدا.
وعلى مدار عقود طويلة، تبارى الإماراتيون شعبا وحكومة فى التعبير عن حبهم لمصر والمصريين، ليس بالشعارات فقط، بل بالدعم والمساندة، إيمانا منهم أن مصر هى حصن الأمة وخط دفاعها الأول.
هذه المشاعر والعواطف الجياشة، والحس العروبى الأصيل، لمشايخ وحكماء دولة الإمارات غرسها ورسخها المغفور له الشيخ زايد فى وجدان كل إماراتى، وسار على نهجها من بعده شقيقه الشيخ خليفة، ونائبه الشيخ محمد بن راشد، والشيخ محمد بن زايد حاكم أبوظبى، والشيخ سلطان بن محمد القاسمى، حاكم الشارقة، ذلك الرجل الذى عشق تراب أرض الكنانة حتى قبل أن يراها، وازداد عشقه لها بعدما أمضى أجمل أيام شبابه فى شوارعها وأروقة جامعاتها ومكتباتها، وكان شاهدا على انكسارها وانتصارها، حتى حصل على بكالوريوس الهندسة الزراعية من كلية الزراعة جامعة القاهرة، وبعد عام من تخرجه صار حاكما لإمارة الشارقة، ومنذ ذلك الوقت كانت له أيادٍ بيضاء لتخفيف آلام وأوجاع المصريين، والحفاظ على التراث الإنسانى.
حتى الآن لم نر رجلا من أبناء مصر أو حتى من غير أبنائها يعشقها ويقدس جيشها، مثل فارس الشارقة النبيل، الذى سارع للانضمام إلى صفوف القوات المسلحة عقب هزيمة 1967 للدفاع عن تراب مصر، ووقف أمام معسكر التجنيد يبكى عندما صدرت التعليمات بعد السفر للجبهة، وقال: «مستعد أن أسوق عربية لورى، وأضرب نار معاكم، طب خدونى أمسح أحذية الجندى المصرى».
القاسمى، لم يترك مناسبة محلية أو دولية ليعبر فيها عن حبه لمصر، حتى فى أهم حدث شهدته بلاده الأسبوع الماضى، كانت مصر حاضرة دون غيرها، مهنئا الجيش بالثأر للشهداء، وواصفا مصر بصمام الأمان للمنطقة العربية، والضخرة القوية التى تتحطم أمامها أحلام الطامعين.
كعادته دائما، يحرص الدكتور سلطان القاسمى على إسعاد المصريين، فأصر على حضور منتدى شباب العالم، وفاجأ الملايين حول العالم بإعادة 354 قطعة آثار، ضبطتها السلطات الإماراتية فى مطاراتها، فى خطوة مهمة للحفاظ على التراث الإنسانى.
وفى مشهد إنسانى، ذرفت فيه الدموع، قام الشيخ سلطان القاسمى، بزيارة معهد الأورام، وحرص على تقبيل أيادى ورؤوس المرضى والأطفال المصريين، بل وتبرع بمبلغ 160 مليون جنيه لمعهد الأورام، للتخفيف من آنات وآهات الأطفال والآباء والأمهات.
رغم استكمال تعليمه فى أكبر الجامعات الأوروبية، إلا أن القاسمى كان حريصا على رد الجميل لكلية الزراعة جامعة القاهرة، حيث قام بتطوير معاملها، وأسس مكتبة مركزية للبحوث الزراعية، تجاوزت الثلاثين مليون جنيه.
وعندما تم حرق المجمع العلمى عقب أحداث 25 يناير، تكفل القاسمى كعادته بترميم المبنى، وإنشاء دار جديدة للوثائق، ثم تبرع بمليونى دولار لترميم مبنى كلية الهندسة جامعة القاهرة، بعد محاولات عناصر جماعة الإخوان الإرهابية حرقها وتخريب منشآتها خلال اعتصام النهضة.
والسؤال الآن.. لماذا لم يتخذ رجال الأعمال المصريون والعرب، الشيخ سلطان القاسمى، وحكام الإمارات، قدوة فى حبهم ودعمهم للشعب المصرى؟