الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
القدس عاصمة إسرائيل.. إعادة تثوير الشارع العربى!

القدس عاصمة إسرائيل.. إعادة تثوير الشارع العربى!






لم يرغب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب أن يرحل عام ٢٠١٧ إلا بنهاية درامية أمريكية بإعلانه نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس.
الرئيس المتأرجح أراد أن يستقر حكمه على أنقاض القضية الفلسطينية من خلال الدعم المباشر للوبى الصهيونى الذى يبدو أنه طلب سداد فاتورة عالية لإضفاء شرعية الأمر الواقع على هذا الحكم، وفى هذه اللحظة فإن الحالة تستدعى كامل الوعى العربى لرصد حالة الاستقرار التى ستحل على الحكم الأمريكى الجديد ردا على القرار الذى سينعكس على انسجام الإدارة الجديدة مع المؤسسات العميقة للدولة الأمريكية.

القرار لن تتوقف آثاره فقط على الفعل المادى للبدء فى إجراءات النقل، بل سيكون بمثابة ضربة بلياردو أمريكية جديدة ستنتشر كرات فوضاها فى محيطها الإقليمى التى حتما سيصل بعضها إلى مصر وهى المستهدف الرئيسى من هذه الضربة بعدما نجحت فى صياغة أول مصالحة حقيقية كبداية لدولة فلسطينية محددة الملامح والحدود.
ضربة البداية حتما ستحدث تأثيرها المباشر والسريع على أرضية البلاد العربية التى استهدفتها ما سمى بالثورات التى خلفت دمارا هائلا وحالة من الفوضى الانشطارية.
 القرار الأمريكى جاء فى توقيت لم تلبث فيه الأوضاع  أن تستقر خاصة فى مصر، القرار جاء وسط النضال المصرى لتثبيت أركان الدولة الوطنية ليبادرها بزلزال جديد ستكون له توابعه.
انتظر وراقب تداعيات القرار  وارصد ما يلى:
- القرار يهدف لإعادة تثوير الشارع العربى وإعادة البناء على حالة فوضى جديدة وتسريبها للشارع لتتحول تدريجيا إلى نقاط ضغط على الأنظمة القائمة.
- حالة الحراك ستتلقفها خلايا التنظيم الإخوانى لإعادة تدوير المشاعر الدينية والعودة للشارع مرة أخرى.
- القرار يستهدف مصر بشكل خاص لزيادة درجة الالتهاب السياسى على حدودها الشرقية.
- القرار يهدف إلى إعادة الطعن فى الأنظمة العربية تحت مظلة عجزها عن المواجهة وانصياعها للقرار الأمريكى وللمشروع الصهيونى.
- القرار يقدم مسوغا عقائديا جديدا لتنظيمات الإرهاب للاستمرار فى جرائمها بل واستقطاب عناصر جديدة.
 القرار يهدف لخلق حالة يأس جديدة ستندفع نحو تزايد المطالبات بحتمية إقامة دولة فلسطينية على جزء من أراضى سيناء كحل لم يعد له بديل، وهنا لاحظ تصاعد ضراوة العمليات الإرهابية فى سيناء خلال الفترة المقبلة، قرار النقل المادى المعلن صحبه قرار بالنقل المعنوى غير المعلن ليلقى بالكرة مرة أخرى فى ملعب الدولة المصرية، لخلق نقاط ضغط جديدة على الإدارة المصرية المطلوب حصارها كلما اقترب موعد الاستحقاق الرئاسى الجديد وبهدف توتير المرشح المقصود وإشغاله ومحاولة تحميله بفواتير استباقية، وتحميل الدولة المصرية بأكملها فاتورة وإظهارها بمظهر العاجز عن سدادها طوال الوقت، وبالتالى ترسيخ مفهوم عجز الدولة ورضوخها فى نفسية وذهنية المواطن والتى حتما ستنتج حالة من الرفض العشوائى تؤدى إلى مادة خام للتثوير تعيد سيطرتها على المزاج العام الذى سيعود لحالة العلم بما لا يريد دون إدراك ماذا يريد.
لاحظ خلال الفترة المقبلة حجم المزايدات على الدولة المصرية وقيادتها كما لو كان القرار قد صدر عن القاهرة، والمدهش أنك ستجد من ينساق وراء تلك المزايدات إما تعمدا لإظهار الدولة المصرية بمظهر المقصر والمتراجع باستمرار أو بهدف استفزازها ودفعها نحو اتجاهات غير محسوبة، لاحظ خلال الفترة المقبلة أن محاولات الدولة المصرية لفرض القانون والنظام بالتصدى لمظاهر الفوضى الناشئة والتى ستحاول جماعات المعارضة النظرية إعادة إنتاجها لفتح ثغرة فى الشارع المصرى لتمرير التنظيم الإخوانى مرة أخرى، لاحظ أن تلك المحاولات القانونية من جانب الدولة ستقابلها أصوات ستتعالى بأن مصر تقمع المتظاهرين الرافضين لتهويد القدس، وأن مصر تكمم الأفواه المطالبة بإلغاء القرار، لاحظ عملية «تمصير» الحالة التى تهدف لتقويض تحركات الدولة المصرية وحصارها فى منطقة اتهام إقليمى مستمرة، تهدف لتقزيمها فى محيطها وفى وجدان شعبها لخلق حالة من الرفض اللانهائى للأوضاع القائمة دون معرفة الأوضاع المطلوب الوصول إليها ودون امتلاك أدوات الوصول.
 ارصد حالة النشاط المفاجئ التى ستنتاب القنوات والمواقع الإخوانية استغلالا لحالة التعاطف الناشئة لإعادة تدوير المشاعر واستغلالها سياسيا فى إعادة ما يسمى بالحراك الذى ستتلقفه العناصر الإخوانية الطلابية للبدء فى عملية التحريك ومحاولة دفع الحالة إلى الشارع المصرى بهدف تمكين التنظيم الإخوانى ما يلى:
- العودة للشارع تحت غطاء الدفاع عن المسجد الأقصى.
- اعتلاء المنابر مرة أخرى.
- إعادة النشاط الطلابى الإخوانى.
- الدعوة لجمع التبرعات التى يتم نهبها لصالح أنشطة التنظيم.
- المزايدة على الموقف الرسمى المصرى.
- ممارسة التحريض الإيحائى لجميع تنظيمات الإرهاب لتصعيد أنشطتها التى ربما تشغل الدولة عن متابعة تحركات التنظيم الإخوانى للعودة للمشهد. لا تندهش عندما يصل إلى أسماعك مرة أخرى الهتاف المستهلك «عالقدس رايحين شهداء بالملايين» والذى انطلق مع نشأة حركة «حماس» الإخوانية عام ٨٧ ولم يصل المدينة أحد حتى الآن، بينما وصلت الجموع الإخوانية إلى الدوحة وأسطنبول ولندن، والآن تعاود دعواها لنفس الهتاف قاصدة التوجه بفوضاها وإرهابها إلى القاهرة.
والغريب أن أطيافًا سياسية وجبهوية من المعارضة الصوتية سيستدرجون مرة أخرى لمنح الإخوان مساحة من أرضية مشتركة لإظهار المشهد كما لو كان هناك مشروع توحد جديد للقوى السياسية فى مصر والذى سرعان ما سيتناسى قضية القدس ويوجه تحركه نحو الدولة المصرية التى سيتم اتهامها بالتواطؤ مع الإدارة الأمريكية لإحداث خلخلة لصورتها الذهنية لدى مواطنها وهى الحالة التى ستحاول جماعة الإخوان اعتلاءها واستخدامها «كحمار طروادة» الذى يحمل أسفارًا لهدم وطنه دون إدراك أو ربما استمتاعا بحالة الامتطاء الإخوانية.
 إياك أن تخدع نفسك بنفسك وتسمح بتشتيت ذهنك عن جوهر القضية، إياك أن تنسى أن القضية قد تم استنزافها بالفعل الإخوانى الذى اختلق صراعا بين فتح وحماس حول سلطة لدولة محتلة أساسا، وهو نفس الفعل الإخوانى الذى ابتذل القضية وسلمها لعواصم عربية استخدمتها لإحداث حالة انقسام عربى/ عربى كان لمصر النصيب الأكبر من المزايدة بها، والتى ساهمت فى تمكين التنظيم الإخوانى وإحداث حالة خلخلة كادت أن تعصف بكيان الدولة المصرية عام ٢٠١١ لولا أن أراد الله أن يكون لها جيش استطاع التصدى لمسئولياته الوطنية فى حفظ وجود الدولة.
إياك أن تغفل عن صدور القرار عشية دفن الرئيس اليمنى على عبدالله صالح الذى قتل برصاص الغدر الإقليمى الذى قصد توجيه سهامه إلى المملكة العربية السعودية لتزيد حالة الانقسام التى انعكست على قمة خليجية باهتة.
تخيل كيف ستتصدى الدول العربية لهذا القرار وعلى أى شىء ستجتمع والدماء لم تجف.
لا تنشغل عن حركة التنظيم الإخوانى الذى لن يفوت الفرصة للثأر من الدولة المصرية تحديدا، راقب حركة الوجوه التى ستعود للساحة وتذكر البروفة المتكررة لاقتحام المعبر والشريط الحدودى ما قبل ٢٠١١، تذكر الهجوم الذى تعرض له أحمد أبوالغيط وزير الخارجية آنذاك عندما دافع عن وطنه بعبارة «تنكسر رجل اللى يقتحم الحدود المصرية» وقتها نال نصيبا مهولا من المزايدة على وطنيته جعل الدولة المصرية بأكملها منسحبة إجرائيا وقسريا عن تأمين حدودها كما يجب لنجد حماس وقد وصلت ميدان التحرير عام ٢٠١١.
الآن تصدى لمسئولياتك الوطنية لا تنخدع مرة أخرى إلا بإرادتك!