الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
محمد التابعى يهاجم أعداء «روزاليوسف»!

محمد التابعى يهاجم أعداء «روزاليوسف»!






كان الأستاذ محمد التابعى الناقد المسرحى يؤمن تماما بعبقرية الفنانة «روزاليوسف» ولم يكتف بالإشارة بها فى أدوارها المسرحية بل ابنرى يدافع عنها بقوة وصدق عندما أثار أحد النقاد زوبعة ضدها وهاجمها بقسوة وعنف، وانتهز التابعى فرصة مشاهدته لمسرحية «التاج» بطولة «يوسف وهبى» و«روزاليوسف» وكتب مدافعا عنها فى جريدة «الأهرام» وكتب يقول: «روزاليوسف» الممثلة الأولى فى فرقة رمسيس وهى الوحيدة بين ممثلات تلك الفرقة التى تستطيع الوقوف أمام «يوسف بك» فى أدواره المشهورة دون أن يشعر المتفرج أن فى الموقف ضعفا أو نشازاً يعود إلى عدم تعادل القوتين.
قامت فى الأيام الأخيرة حول كفاءتها ــ شبه ضجة ــ أميل إلى القول بأن فيها كثيراً من المبالغة والمزاح لأنه يصعب علىَّ أن أصدق أن ناقدًا  أقدره حق قدره «كحضرة الزميل الذى أثار المسألة يعنى حقيقة ما يقول، فيتكلم عن «روزا» كما لو كانت ممثلة مبتدئة!
الواقع أنها هوجمت بشدة لم يهاجم بها ممثل رجل، وهى سيدة ممثلة عرفها المسرح وعرفناها طويلاً فلم نسمع يوما أن كاتبًا حقر من شأنها إلى هذا الحد، نحن لا نقول إنها بلغت الأوج الأعلى فى فنها، ولكن من الحق أن نذكر دائما أن الكفاءة شأن كل صفة أخرى مسألة نسبية يجب أن تقاس وتقدر بالنسبة لما عند كل منها!!
ومتى ذكرنا ذلك لا نجد بدًا من الاعتراف صراحة بأن «روزاليوسف» هى أقدر ممثلات رمسيس بل ولها أيضاً إذا شاءت أن تدعى وبحق أنها أول ممثلة فى مصر حتى اليوم، أما يأتى به الغيب فسر مكتوب فى عالم الغيب!
هى ممثلة لا تعرف النهم ولا الشراهة، لا تثب إلى كل دور كبير مشهور، هى تعرف ماهية استعدادها الطبيعى وحد مقدرتها، والحقيقة أننى أشك فى نجاح «روزا» فى المأساة والدراما القديمة، وعلى كل حال فهى لم تعط حتى اليوم فرصة لإظهار ما قد يكون عندها من المواهب فى هذا النوع!
ولكن مما لا شك فيه أنها ممثلة رقيقة قادرة نبغت فى الدراما العصرية والكوميدى، أما الفودفيل فهو أول عهدها بالنجاح الحقيقى ولقد بنت شهرتها على دور «إميلى» فى قصة «خلى بالك من إميلي»، وكذلك الأدوار التى مثلتها فى القصص الأخرى التى أخرجها الأستاذ عزيز عبده فى عام 1915 على ما أذكر!
من يومها بدأ نجمها يتألق وعرفها من لم يكن يعرفها ومن يومها عددناها فى طليعة ممثلات المسرح المصري، ولقد مثلت فى كل الفرق المصرية تقريبا، ونجحت فى كل دور مثلته، إلى أن هبط علينا «يوسف بك وهبى» وضمها إلى فرقته التى ألفها، ثم افتتح رمسيس وأعلن عن «غادة الكاميليا»، وعندما حبسنا أنفاسنا وقلنا خطوة جريئة، اعترف أن الجمهور والنقاد أجمعوا يومها إجماعاً يكاد يكون تماما على أن «يوسف بك»  والسيدة «روزاليوسف» قد نجحا نجاحا باهرا فى دورى «أرمان» و«مرجريت»!!
ومن يومها والسيدة «روز» تسير من فوز إلى فوز وبلغت ذروة الاتقان فى «مونمارتر»، أما دورها فى «التاج» فلا شك أنه سيكون دائماً من خيرة الأدوار التى يصح لها أن تفخر بها، ولو صح لى أن أحكم بما رأيته أمس من النظارة وما سمعته من حضرة المعرب الفاضل ـــ الأديب إبراهيم رمزى ــ وحضرات الزملاء الذين كانوا بقربى لقلت إن الإجماع كان تاما على «روزا» نجحت فى دور كاثرين نجاحا باهراً.
وللسيدة «روزا» أن تتباهى اليوم بأنها أول ممثلة فى مصر استطاعت أن تصل إلى هذه المرتبة وتحوز هذا اللقب!
نقطة أخرى يعيبون عليها ضعف صوتها ولكنى أسألهم أين كانوا يوم «الاستعباد» ــ مسرحية ــ وصوتها يدوى فى أرجاء المسرح وصراخها يعلو على طلقات النار، وبعد فلنسلم جدلا أن صوتها خافت ضعيف، هل هذا يعتبر ضعفًا منقصًا لقدر الممثلة حتى يقال عنها إنها تسير من سيئ إلى أسوأ!!
وينتهى الأستاذ التابعى مقاله فى أهرام 17 ديسمبر سنة 1924 والذى أعاد نشره الأستاذ الكبير «صبرى أبوالمجد» فى كتابه المهم «محمد التابعى» بتوجيه نصيحة مهمة للنقاد فيقول: «إنى أتمنى على حضرات الزملاء أمراً واحداً إذا رأى أحدهم أن ممثلة أو ممثلاً لم يقم بتمثيل دوره جيدا وأراد أن يعلن رأيه هذا فمن العدل والكياسة أن يشرح الدور أولاً ويبين دقائقه ومواقفه ومختلف عواطفه ثم يقارن بين الدور كما فهمه وشرحه، وكما مثله الممثل أو الممثلة ويبين مواطن الضعف والخطأ، وإذا ما انتهى إلى هنا كان له الحق كل الحق فى أن يعنف ويوبخ ويقدح!
أما الاتهام دون تعيين التهمة  وأركان الجريمة فأمر لا نستطيع أن نوافق عليه ونفوسنا مطمئنة، قد تقول لصاحبك أن فلانا رجل طيب فيوافقك ويسكت، أما إذا قلت له أن فلانا رجل شر وسوء سألك دائماً: لماذا؟! الناس لا تسألك إلا نادراً لماذا تمدح ولكنها تسألك دائماً: لماذا تذم وتقدح!!
كلنا ضعاف وعرضة للخطأ وكلنا عبيد لشهوات النفس وما فيها من غضب أو غيظ أو حب أو محاباة وسبحان من تنزه عن النقائص والشوائب وتبارك من تفرد بالكمال! ولكنى أرجو أن نكون جميعا ــ أنتم وأنا ــ موفقين قدر جهدنا إلى قول الحق ولو كلفنا ذلك أن نقسو قليلاً على نفوسنا ونكبح جماحها!
هكذا كتب الأستاذ التابعى مدافعا عن السيدة «روزاليوسف» قبل حوالى عام من إصدارها لمجلتها فى أكتوبر 1925.
وللحكاية بقية!!