الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حكاية بطل «3» الصعود للمونديال الدولى

حكاية بطل «3» الصعود للمونديال الدولى






التزم بالأعراف الدبلوماسية وأقام علاقات متوازنة مع الجميع

 

بالتوازى مع عملية تثبيت وبناء الدولة داخليا اتجه السيسى الذى يتحرك وفق برنامج معد مسبقا نحو عملية التواصل مع العالم الخارجى، بعدما رسم سمات السياسة الخارجية المصرية التى يمكن إجمالها فيما يلى:
- إقامة علاقات متوازنة مع الجميع.
- اعتماد المصالح المتبادلة وسيلة للتواصل.
- استقلالية القرار والحركة الدبلوماسية.
- الالتزام بالمفاهيم والأعراف الدبلوماسية والتقليدية المتعلقة باحترام السيادة.
- الالتزام بالندية وإعلاء المصالح الوطنية.
- توسيع دوائر المناورة الإقليمية.
- القدرة على الحركة المتزامنة فى اتجاهات مختلفة.
- الثبات الانفعالى الدبلوماسى.
- إعادة ثقل الدور المصرى الخارجى.
- الشراكة وليس التبعية.
- وضع مكافحة الإرهاب على أولويات السياسة الخارجية المصرية.
- عدم التدخل فى شئون الدول.
- الالتزام الأيديولوجى برفض الإسلام السياسى.
من منطلق هذه الثوابت ومن عمق إدراك الرجل بقيمة الدولة المصرية تشكلت ملامح الحركة الإدراكية لسياسته الخارجية.
من هذه الثوابت والمنطلقات، ومن واقع الإحساس بجسامة المسئولية التاريخية والشعور العميق بقيمة الدولة المصرية، انطلقت حركة الرجل نحو العالم الخارجى تنفيذا لاستراتيجية واضحة فى ذهنية السيسى الذى بدا مصممًا على أن تظهر السياسة الخارجية لمصر لتحقيق الأهداف التالية:
- إضفاء الشرعية الدولية على نظام ٣٠ يونيو.
- ضرب مثل حقيقى على إمكانية الممارسة الأخلاقية للسياسة.
- الاستخدام المشروع لأبعاد الأمن القومى المصرى كوسيلة للبناء الداخلى.
- إثبات وعى مصر وقدرتها على تحمل مسئولياتها إقليميا ودوليا.
- إعادة مصر لواقعها الإفريقى.
- التوازن مع القوى العظمى.
- استعادة الدور الفاعل فى تحقيق الأمن العربى والإقليمى.
- اكتساب ثقة المجتمع الدولى لتحصيل احتياجات مصر اقتصاديا وعسكريا.
- عدم التورط أو التوريط باستخدام التصريحات أو الشعارات.
- إتاحة الفرصة للدولة المصرية للاستفادة من خبرات وتجارب الدول.
طوال حركته الخارجية والرجل لا تغيب عنه هذه الأهداف فى الوقت الذى ينفذ فيه منظومة مشروعة لمضاعفة القدرة العسكرية الرشيدة.
تحت شعار «صوت العقل العادل» بدأت مصر حركتها نحو الخارج بلا إفراط ولا تفريط، وبعنوان معلن «أمن الخليج خط أحمر» سارت نحو خطواتها الدبلوماسية، وبوعد «مسافة السكة» رسمت خطاها دون الانجرار إلى سكك مجهولة النهاية والمصير.
فى اليمن التزمت مصر بالآتى:
- المشاركة الجوية فى عاصفة الحزم.
- الحفاظ على وحدة اليمن.
- الحفاظ على أمن المملكة العربية السعودية والخليج.
- ممارسة مسئولياتها فى تأمين مضيق باب المندب.
- عدم إسباغ الأزمة طائفيا أو عرقيا.
- عدم السماح لأى قوى إقليمية بممارسة نفوذها وأطماعها الإقليمية فى الخليج.
وفى سوريا فقد أعلن السيسى استراتيجية مصر نحو الأزمة من خلال المحاور التالية:
- الحفاظ على وحدة الأراضى السورية.
- الحفاظ على الجيش السورى الوطنى.
- القضاء على التنظيمات الإرهابية وعدم اعتبارها طرفا فى التفاوض.
- الشعب السورى وحده صاحب الحق فى تقرير مصيره.
- إعادة إعمار سوريا.
وفى فلسطين تعالت مصر على آلامها التى لم تهدأ بعد وقبلت بحماس كطرف أصيل فى تحقيق المصالحة من أجل الشعب الفلسطينى ولم تتخلف يوما عن فتح المعبر فى المواعيد المقررة.
أما فى ليبيا فلم تتوان مصر لحظة عن تقديم كامل الدعم لتمكين الشعب الليبى وجيشه الوطنى من مواجهة التنظيمات الإرهابية، والتزمت أن يكون الشعب الليبى ومؤسساته الوطنية أصحاب الحق الوحيد فى تقرير المصير.
فضلا عن كل ذلك فقد احتضنت مصر السوريين والليبيين واليمنيين ومن قبلهم العراقيين وسط أبناء الشعب المصرى وليس داخل معسكرات لاجئين.
حتى بالنسبة لقطر لم تتخذ مصر موقفا فرديا والتزمت الصبر الطويل وضبط النفس إلى أن أثبت النظام القطرى خطورة معلنة على منظومة الأمن القومى العربى، فكانت المقاطعة العربية التى تهدف لتقويم السلوك القطرى.
لقد جاء السيسى للحكم وعضوية مصر مجمدة فى الاتحاد الإفريقى على خلفية اللبس فى فهم حقيقة ثورة الشعب المصرى، التى تعد تجسيدا أسطوريا لإرادة الشعب المصرى وتوحده مع جيشه.
وبعد غياب ١١ شهرا عن الاتحاد بعد تجميد عضوية مصر فى ٥يوليو ٢٠١٣ عادت مصر إلى أحضان منظمة الاتحاد الإفريقى فى ١٧ يونيو ٢٠١٤ بمشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أعمال الدورة العادية ٢٣ لقمة الاتحاد التى انعقدت فى غينيا الاستوائية، ليعلن عن إنشاء «الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية».
انطلق السيسى نحو إفريقيا من واقع شعور مصرى بمسئولية أدبية ومعنوية تجاه القارة السمراء، ورسم سياسة معبرة عن رغبة واضحة للتواصل والعطاء دون استعلاء.
وبالتحليل الكمى لزيارات السيسى الخارجية نجد أن زياراته لدول إفريقيا بلغت ٢١ زيارة من إجمالى ٦٩ زيارة خارجية أى ما يمثل ٣٠٪ من إجمالى زياراته الخارجية.
وبمتابعة حركة السياسة الخارجية المصرية نجد أن التوجه نحو إفريقيا هو خيار استراتيجى لعبدالفتاح السيسى من واقع إدراكه بأهمية العمق الإفريقى للأمن القومى المصرى.. لقد اتسمت سياسة السيسى نحو إفريقيا بملامح واضحة يمكن القول أنها تميزت بما يلى:
-  الرغبة الصادقة فى العطاء.
-  عدم الاستعلاء.
-  البناء على العلاقات التاريخية.
-  عدم السماح باستغلال إفريقيا ضد الأمن القومى المصرى.
-  عدم السماح بابتزاز دول إفريقيا تحت وطأة الحاجة والعوز.
وتحديدا بالنسبة للسودان وبرغم محاولات الوقيعة المستمرة فقد التزمت مصر بروابط الأخوة التاريخية، واختارت مصر السودان طرفا أصيلا فى اتفاقية المبادئ لسد النهضة.
حتى بالنسبة لإثيوبيا لم يصدر عن مصر أى تصريح عدائى بل التزمت بوضع إطار قانونى يحكم العلاقة القائمة على الحفاظ على حق الشعب المصرى فى الحياة مع الاعتراف بحق الشعب الإثيوبى فى التنمية ارتكازا على مبدأ المصالح المتبادلة.
نحو الغرب انطلق «السيسى» متحدثاً اللغة الوحيدة المفهومة «المصالح المتبادلة» ليرسم سياسته من خلال المبادئ التالية:
-  مصر تملك أوراقًا للعب الدولى.
-  مصر تملك أدواتها الدولية وتسيطر عليها وتجيد استخدامها.
-  مصر ليست حقلًا للتجارب الدولية.
-  مصر ليست محلاً لصراع القوى الكبرى .
-  مصر عصية على الانكسار.
-  مصر لديها القدرة على اللعب الدولى الجماعى وعلى التمريرات الاحترافية وإحراز الأهداف النظيفة.
من هذا المنطلق اتجه السيسى نحو أوروبا على قاعدة صلبة يحملها ٢٣ مليون مصرى.
كانت أهدافه من الانفتاح على الغرب ترمى لما يلى:
 - فك الحصار عن مصر.
 - إثبات أهمية الدولة المصرية كرقم حتمى فى المعادلة الإقليمية.
 - مصر أيقونة مكافحة الإرهاب فى العالم .
-  مصر ليست أداة يمكن استخدامها من أطراف دولية.
-  مصر لا يمكن أن يفرض عليها الجلوس بمقاعد المتفرج الإقليمى .
-  أزمات مصر لم تنجح فى تقزيم دورها .
بهذه الثوابت اتسم أداء الرجل، الذى حقق معادلة صعبة فى توازن العلاقة بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، نجح فى إقناع إيطاليا أن تلعب دور المتحدث باسم مصر  فى أروقة الاتحاد الأوروبى، كما نجح فى تحويل الموقف الألمانى الذى بدا متطرفًا نحو ثورة ٣٠ يونيو.
هنا من الأهمية يمكن أن نتحدث عن قدرة الرجل على المناورة المتاحة التى ليس هناك أدل عليها من تكتيكاته فى إحداث التوازن والندية مع القوى العظمى، فتجده متجها نحو الصين فى أول زيارة له يوم ٢٢ ديسمبر ٢٠١٤ أى بعد توليه الحكم بأشهر قليلة، ذهب حاملًا المبادرة المصرية إعادة إحياء طريق الحرير مع التنين العظيم، تحقيقا لمصلحة جماعية للشعوب، ثم عاود الزيارة الثانية فى الأول من ديسمبر عام ٢٠١٥ والتى حرص خلالها على إقامة قاعدة دبلوماسية مصرية متينة تكون نقطة انطلاق نحو القارة الآسيوية.
ثم تجده متجها بوضوح نحو الدب الروسى الذى كلما امتدت خطوط سياساته نحو الشرق وحدها تتقاطع حتما مع شبكة وجود مصرى فى المنطقة ليس سواها سبيل لإضفاء مصداقية على التمكن الروسى من العودة إلى الشرق بعد غياب طويل، وصولًا إلى دور روسى فاعل فى تطوير منظومة التسليح المصرية، وانتقالا بمصر إلى عصر الاستخدام السلمى للطاقة النووية.
وفى الولايات المتحدة الأمريكية ظل الرجل محتفظا بثبات دبلوماسى نابع من شرف السياسة وصولًا إلى القرار الأمريكى بإدراج الأجنحة المسلحة للتنظيم الإخوانى على قوائم الإرهاب الدولى.
على ظهر حاملتى الطائرات «ناصر» و«السادات» ترتكز محطات حيوية للأمن القومى المصرى، دليلًا دامغًا على المكانة الراسخة التى نجح السيسى فى استعادتها لدور مصرى متعدد المهام التى لا غنى عنها والتى لايمكن حل شفرتها إلا فى القاهرة.
حاملات الطائرات ومنظومة التسليح الوافدة إلى الترسانة المصرية ليست قرارًا اقتصاديًا وعسكريًا فحسب بل قبل كل ذلك قرار سياسي لا يمكن توقيعه فى الكواليس الدولية إلا لمن يستحق ويستطيع تحمل مسئولياته أمام المجتمع الدولى وأمام شعبه.