الأربعاء 16 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مهنة بلا مهنيين

مهنة بلا مهنيين






ستظل مهنة الإعلامى محيرة ومربكة للمهتمين بها فهى من ناحية تتعرض لأقوى وأعنف الانتقادات والهجمات وفى الوقت ذاته من أكثر المهن التى يُقبل الناس عليها أملا فى العمل بها.

 المثير أن كل هذا العدد من الشاشات المصرية الحكومية والخاصة أو العربية التى تبث من مصر لم تنتج حتى الآن مهنيين يعملون بالحقل الإعلامى باعتبار ذلك مهنتهم الأساسية.
ماسبيرو القلعة الصامدة فى مواجهة كل محاولات هدمها نجحت فى تصدير كوادر فنية للعديد من المؤسسات الإعلامية فى الداخل والخارج لكنها للأسف لم تنجح هذه القلعة فى ترسيخ قواعد إنتاج مهنيين محترفين قادرين على التعامل مع المتغيرات الحديثة والتخلص من شوائب العمل الحكومى حتى الآن.
إذا توجهت لاستوديوهات البث ستجد أغلب محررى البرامج والنشرات وغيرها هم أنفسهم الصحفيون الذين تقابلهم صباحا فى المؤسسات الصحفية يعيدون فى الأغلب إنتاج ما نشروه فى صحفهم.
وإذا كان مصطلح العمل الإعلامى يشمل الصحفيين والعاملين فى الشاشات أو الإذاعات المختلفة، إلا أن فوارق مهمة تفصل فى أسلوب التعامل بين كل حقل والآخر من داخل المهنة.
حتى الآن لا توجد فى مصر تنظيمات مهنية داخل المؤسسات الإعلامية يمكن القول إنها مهنة من يعملون بها  وحتى الآن لا تجد تخطيطا خاصا للمُنتج الإعلامى يميزه عن العمل الصحفى.
ولعل واحدا من الأسباب الجوهرية لتلك الانتقادات الموجهة للإعلام المصرى هو عدم تمكن أغلب أدواته من تقديم الصورة والمضمون المطلوب تقديمه للمشاهد المتلقى.
العمل المهنى الاحترافى يقتضى التفرغ خصوصا فى المجال الإعلامى القائم على الإبداع وأحكام الصورة المختلفة أو الخاصة مع النص المقروء، وإذا كنت فى الصحافة تستطيع صياغة المتن بلا صورة فالأمر ليس كذلك على الشاشة.
اعتقادى أن المشكلة ليست فى العاملين قدر ما هى فى ملاك هذه المؤسسات الإعلامية، فالبعض منها يدار بمفهوم تجارى بالدرجة الأولى وإذا كانت تلك المشاريع استثمارية تستهدف الربح إلا أنها تتميز بأن العائد منها لا يجب أن يتم تحصيله على حساب المشاهد المتلقى.
لم نسمع إلا مؤخرا عن البعض القليل المهتم بتطوير إمكانات العاملين وتعميق مهاراتهم لكننا فى ذات الوقت لم نر مؤسسة واحدة تعتمد على إعلاميين محترفين لا يعملون فى غير العمل التليفزيونى.
فى ظنى أن قانون تنظيم الإعلام والصحافة ربما يسهم فى تغيير هذا الواقع، لكنى لا أراهن عليه منفردا خصوصا لو كانت النقابات المعنية غير مكترثة بتحقيق تغيير جوهرى يتواكب مع التعديلات التشريعية ومع المنافسات العاتية فى هذا المجال.
نحن أمام تجربة جديدة فى التنظيم الإعلامى وبغض النظر عن تقييم الحاصل نحن أمام تنظيم يستهدف تمكين أبناء المهنة من أمورها، ويضعها أمام مسئوليتها عن التحديث والتطوير، والمسألة فى الحرية المسئولة لا تقف عند حدود المسائل السياسية ومؤسسات الدولة إنما تتجاوز ذلك إلى ما هواهم بكثير وهو حق المشاهد المتلقى فى استقبال مادة إعلامية معلوماتية رشيقة وجاذبة.
نجاح الإعلام يقتضى النظر باهتمام لأدوات إنتاج المضمون من كلمة وصورة، ومن دون مهنيين محترفين سيظل هناك قصور.
أعتقد أننا فى حاجة لقنوات تفاهم بين مثلث الإعلام الهيئات الوطنية والنقابات والمُلاك.