الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ليلة القبض على «محمد التابعى»!

ليلة القبض على «محمد التابعى»!






كانت السيدة «روزاليوسف» تقضى إجازة فى باريس عندما وصلتها أخبار سيئة لم تخطر على بالها، وذلك عندما ألقت النيابة القبض على الأستاذ «إبراهيم خليل» الذى أنابته بدلًا منها فى منصب رئيس التحرير وكذلك الأستاذ «محمد التابعى»!

كان الأستاذ «التابعى» قد كتب سلسلة مقالات مثيرة بدون توقيع عن الحياة الخاصة لملوك وملكات أوروبا بعنوان «ملوك وملكات أوروبا تحت جنح الظلام»، وثارت ثورة الدوائر الأجنبية فى مصر من هذه المقالات.
وتقول السيدة «روزاليوسف» لم يكن لإبراهيم خليل فى الواقع شأن بالتحرير وكأنما عليه عليه أن يروح ضحية ما كتبه الأستاذ التابعى فاعترف فى التحقيق بأن كاتب هذه المقالات هو الأستاذ «محمد التابعى» الموظف فى الحكومة!
وكان رئيس الوزراء فى ذلك الوقت هو «عبدالخالق ثروت» وكان رحمه الله عنيفًا فى طريقة حكمه، فلما قبض على «التابعى» وإبراهيم خليل وضع البوليس فى أيديهما القيود الحديدية المعروفة وكانت هذه أول مرة توضع فيها قيود فى يد كاتب صحفى! وقد كان لهذه القضية فضل الكشف عن الأستاذ التابعى ككاتب سياسى، إذ كان حتى ساعة القبض عليه يكتب فى المسائل السياسية مستترًا بلا توقيع!!».
وينشر الأستاذ الكبير صبرى أبو المجد «فى كتاب المهم عن التابعى» سطورًا مهمة للأستاذ «التابعى» كتبها عن هذه الواقعة، وكتب يقول:
«دخلت السجن فى شهر ديسمبر من عام 1927، وكان ذلك بسبب مقال كتبته عن «صاحب الجلال رضا بهلوى» والد محمد رضا بهلوى شاه إيران - الحالى - ونشر المقال فى مجلة روزاليوسف فى شهر أكتوبر سنة 1927.
وكنت يومئذ موظفًا بسكرتارية مجلس النواب ومن هنا لم أكن أوقع مقالاتى بأى اسم مستعار أو حقيقى!! كما أننى لم أكن رئيس التحرير المسئول، وكانت صاحبة المجلة ومديرتها المسئولة المرحومة الصديقة الغالية «روزاليوسف» غائبة فى باريس مع زوجها الأستاذ «زكى طليمات» الذى كان يدرس هناك فنون المسرح!
ومع ذلك فقد بادر رجال البوليس السرى إلى القبض علىّ مع اثنين من أصدقاء المجلة كانا معروفين بأنهما يعملان مثلى فى تحرير روزاليوسف، وأودعونا سجن التخشيبة، وحقق معنا الأستاذ «أحمد زكى سعد» - مندوبنا فيما بعد فى الصندوق الدولى - وسألنا واحدًا بعد واحد وأنكرنا جميعًا أن لنا صلة بالمقال المذكور كما أنكرنا معرفتنا باسم كاتب المقال.
وأعادونا إلى سجن التخشيبة وأثناء الليل بكى الزميلان وهنا خجلت من نفسى كما أكبرت شهامة الصديقين فقد أنكرا معرفتهما بكاتب المقال مع أنهما يعرفان طبعًا أننى كاتبه وقلت لهما: بس بأه بلاش عياط وخلونا ننام وبكره الصبح راح أعترف لوكيل النيابة أننى أنا اللى كتبت المقال! وفعلا اعترفت!
وأفرج المحقق عن الصديقين وقرر استمرار حبسى إلا إذا دفعت كفالة قدرها خمسون جنيهًا!! ومن أين لى يومئذ بخمسين جنيها؟! وأودعت سجن الاستئناف وبقيت فيه سبعة أيام، وذات صباح فتح السجان باب الزنزانة وهو يقول: مبروك دفعت الكفالة!!
وعرفت من مكتب السجن أن صديقى - أو صديقى اللدود يومئذ - يوسف وهبى هو الذى دفعها عندما بلغه الخبر وهو أننى عجزتا عن دفع الكفالة!».
وللحكاية بقية!