الجمعة 16 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«خيال المآتة»

«خيال المآتة»






لا يستطيع أحد أن يزايد على عبقرية الرئيس الراحل أنور السادات، فكان دائما سابقًا لعصره، فبعد مرور 47 عامًا على أحداث ثورة التصحيح، جالت بخاطرى عبارته الشهيرة « دول لازم يتحاكموا بتهمة الغباء السياسى»، وهى عبارة قالها بعدما تآمر عليه 6 من كبار رجال الدولة آنذاك من بينهم نائب رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ووزراء الدفاع والداخلية والإعلام وسكرتير رئيس الجمهورية، بتقديم استقالات جماعية مفاجئة بهدف إحراجه سياسيا أمام الرأى العام.
اليوم .. تذكرت تلك العبارة الشهيرة بصوت النجم أحمد زكى فى فيلم «أيام السادات»، وأنا أرى يوميًا عددًا من أصحاب المناصب القيادية يصدرون قرارات أو يتخذون إجراءات إدارية صادمة للرأى العام، قد تثير البلبلة وتكدر السلم الاجتماعى، وكم كنت أتمنى وجود نص قانونى يعاقب إداريًا أو جنائيًا على جريمة « الغباء الإدارى»، وتشمل أيضا كل من ساهم فى وصول هؤلاء الأفراد للمناصب القيادية.
التجسس على الأفراد وانتهاك خصوصيتهم جريمة يعاقب عليها القانون، ولذلك لا يجب أن تمر مرور الكرام واقعة مراقبة طلاب وطالبات كلية الصيدلة بجامعة الإسكندرية داخل الحمامات، فهى واقعة لم تحدث من قبل فى أى جامعة حكومية أو خاصة، وعلى كل شاب وفتاة توخى الحذر، عند دخوله حمامات الكلية بعدما أصبح كل شيء مراقب بالكاميرات السرية.
ما حدث فى حمامات كلية الصيدلة جامعة الإسكندرية يذكرنا بفيلم «لصوص لكن ظرفاء» للنجمين عادل إمام وأحمد مظهر، حيث اعتاد اللصوص على سرقة الحنفيات ووصلات «السيفون والشطاف» من جميع الحمامات، ما أدى إلى تعطيلها 48 ساعة، ولذلك تفرغت الدكتورة خديجة إسماعيل عميد الكلية إلى مراقبة الطلاب والطالبات لضبط هؤلاء اللصوص، فى نفس الوقت الذى تركت فيه مهام عملها ومعامل الكلية ومكاتبها التى يوجد بها أجهزة بملايين الجنيهات دون مراقبة.
من خلال سرد الوقائع، اتضح أن اللصوص الظرفاء كان لديهم إصرار شديد على سرقة الحمامات مرة أخرى بعد ساعات من تركيب قطع الغيار البديلة، رغم رحلة المعاناة التى تكبدها أحد العمال بشرائها من المصنع بمنطقة الكيلو 21 بسعر 2500 جنيه.
ثورة الغضب المبررة من جانب الطلاب والطالبات، أثارت حالة من الارتباك الشديد بين قيادات الجامعة، حيث بررت الدكتور خديجة قرارها بأن الكاميرات موجهة على مدخل باب الحمامات لتحديد هوية اللصوص فقط، وأن الشاشات الخاصة بالكاميرات موجودة بمكتبها فقط، وكأنها تقول أنها الشخصية الوحيدة التى لها حق التجسس على خصوصية الطلاب والطالبات داخل الحمامات.
وللتخفيف من وطأة جريمة «الغباء الإدارى» قرر اتحاد الطلاب الانحياز إلى عميد الكلية على حساب زملائهم، وكشفوا عن تناقض كبير يؤكد حالة الارتباك فى المعلومات، حيث أكد الاتحاد أن الكاميرات لا تعمل ولا يوجد بها أسلاك أو «بلوتوث» ولا توجد شاشات، وأنها مجرد «خيال مآتة»، الهدف منها تخويف لصوص الحمامات، وإذا صحت تلك المعلومات فيجب محاكمة مسئولى الكلية بتهمة إهدار المال العام فى تركيب كاميرات لا يتم الاستفادة منها.
فى كل الأحوال، فإن جريمة «الغباء الإدارى» بانتهاك خصوصية الطلاب والطالبات، مخالفة للقانون والدستور الذى يكفل الحرية الشخصية للأفراد، فضلا عن أن قوانين الجامعات ولوائحها الداخلية لا يوجد بها نص يسمح بتركيب كاميرات مراقبة داخل الحمامات، وكان بإمكانها تلافى تلك الجريمة بتعيين عمال وعاملات على حمامات الطلاب والطالبات أو وضع جهاز تفتيش الحقائب على بوابات الخروج من الكلية.