الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«روزاليوسف» والتابعى وأيام الملاليم!

«روزاليوسف» والتابعى وأيام الملاليم!






كان الكاتب الكبير الأستاذ «محمد التابعى» على حق تماما عندما وصف علاقته بالسيدة «روزاليوسف» بقوله: «رأينا الفشل معا والنجاح معا وذقنا الإفلاس معا والأرباح معا، ومررنا فى الهزائم والانتصارات جنبا إلى جنب».
لم يتأفف الأستاذ «التابعى» أو يستنكر أى عمل قام به فى «روزاليوسف» وتروى السيدة روزاليوسف:  بعض معاناة تلك الأيام قائلة:
كان التابعى يقطن فى فندق بميدان العتبة الخضراء وكنت أقطن بشارع جلال، ولما كان العمل يضطرنا إلى الالتقاء يوميا، فقد ثارت بيننا مشكلة هو لا يستطيع أن يقطع هذه المسافة سيرا على الأقدام لأنها تأخذ من وقته كثيرا، خصوصا إنه مضطر بعدها إلى قطع المسافة من شارع جلال إلى مجلس النواب ليصل إلى محل عمله فى الموعد المحدد!
وأنا لا أستطيع الذهاب إلى مكان سكنه، لأن المكان لا يسمح لنا بالمباحثة فى شئون المجلة، وأخيراً اتفقنا على تعيين مكان يقرب المسافة بيننا ووقع اختيارنا على حديقة الأزبكية بجوار كشك الموسيقى فكان هو يضطر إلى مبارحة الفندق فى ساعة مبكرة جدا من الصباح ليكون بالحديقة فى تمام السادسة صباحا حيث أكون بانتظاره وأنا أحمل له ما تيسر من الصور والكليشهات!! ومن المناظر المألوفة فى ذلك الوقت أن تقع الأنظار على «التابعى» وجيوبه منتفخة لكثرة ما أودع فيها من كليشهات المجلة!!
فإذا التقينا جلسنا نتباحث فى شئون المجلة حتى إذا حان وقت ذهابه إلى عمله انصرف مسرعا وهو يطوى الأرض طيا بساقيه الطويلتين!!
وتضيف السيدة «روزاليوسف» قائلة: «كان الصباح يشرف على أنا والتابعى فى مطبعة البلاغ نسلم المقالات ونأخذ البروفات ثم نأخذها إلى مقهى قريب حيث نجلس وأرسلنا نشترى ساندويتشات الفول الواحد بقرش تعريفة (الجنيه يساوى مائتى تعريفة)، وفى أثناء ذلك يتم تصحيح البروفات ثم نعود بها إلى المطبعة.
كنا فى تلك الأيام شباب صحتنا جيدة وقدرتنا على المقاومة كبيرة، كنت أتغدى بساندوتيش فول وأقطع على قدمى المسافات الطويلة، ثم لا أشعر فى غمرة حماستى بتعب أو إرهاق، بل أجد الحياة المليئة بهذا النوع من الجهاد خصبة جميلة! لم نكن مثل هذا الجيل الجديد الذى يخرج إلى الدنيا ضعيفا مدللا خطرات النسيم تجرح خديه ولمس الحرير يدمى بنانه!
وتضيف السيدة «روزاليوسف»: «كنت كما كان أصدقائى  ولا فخر من أصاب الديون بحكم أن الأزمة المالية تصاحبنا لوجه الله منذ أن اشتغلنا بالصحافة وكانت مطالبة الدائنين شديدة لا تنقطع، وكانت وعودنا ومعاذيرنا أيضا كثيرة ولا تنقطع!! فالأستاذ «التابعى» له حسابات جارية وديون نائمة عند بائعى الساجير وأنا مدينة لصانع الأحذية والمكوجى بعيدا عن المنزل بعد أن أقسم المكوجى الذى تحت العمارة التى أسكنها ألا يستلم شيئا للمكوى إلا إذا أخذ أجرته مقدما على داير مليم!
وكان لابد من أن نروح ونجىء وكان لابد لأصحاب الديون من أن يضيقوا علينا الخناق ويصرخوا بديونهم فى وجوهنا!!
فكنا نختار الشوارع والحارات التى نجتازها دون أن نتعرض فيها للنظرات الحادة ونمشى الواحد خلف الآخر كخط من خطوط النمل يتقدمنا الأستاذ «التابعى» باعتبار أنه خفيف الرجل رشيق الحركة واسع الحيلة».
وللحكاية بقية.