
عصام عبد الجواد
نصب تذكارى لشهداء الإرهاب
فى فترة الثمانينيات من القرن الماضى وأنا فى مرحلة الصبا كان والدى رحمه الله يصطحبنى معه فى رحلة قد تكون مرة كل شهرين أو ثلاثة أشهر إلى محافظة الإسماعيلية وتحديدا إلى مقابر الشهداء المتواجدة على طريق الإسماعيلية بورسعيد حيث يرقد فيها بسلام أخى الأكبر محيى الذى استشهد فى حرب أكتوبر المجيد عام 73 ومن يومها عرفت معنى البطولة والفداء ففى هذا المكان الطاهر يوجد المئات بل الآلاف من شهداء الوطن من أجل تحرير أرض سيناء المجيدة وكان والدى بعد أن يقف أمام قبر أخى يتجول بنا فى مقابر الشهداء بطولها وعرضها ليحكى لنا عن بطولات بعض الأسماء من المجندين وحتى الرتب الكبيرة التى كان أبى يعرفها ويسمع ويقرأ عنها وكنا نتمنى أن نكبر بسرعة حتى نصبح أبطالا مثل هؤلاء العظام.
وكان هناك من يستقبلنا داخل مقابر الشهداء من القائمين عليها ويقوم هو بالشرح المفصل عن بعض من يرقدون فى هذا المكان والبطولات التى قاموا بها .
هذه المعلومات والبيانات أصبحت محفورة فى ذاكرتى.. أقول هذا الكلام مطالبا المسئولين فى مصر لتخصيص مكان لشهداء الإرهاب الذين لحقوا بإخوانهم من شهداء الحروب 56, 67 وحرب73 المجيدة فكل هؤلاء لهم مقابر خاصة بهم عليها بطولاتهم التى نقرأها عند زيارتهم فتشعرنا بالفخر والعزة والكرامة حتى إن بعض المدارس فى الماضى كانت تقوم بتنظيم رحلات لهذه الأماكن فى أعياد أكتوبر وتحرير سيناء لتحكى للصغار عن عظمة المصريين وتضحيتهم.
أما الآن فلا نستطيع زيارة شهداء الإرهاب أمثال الشهيد البطل أحمد منسى وشبراوى وغيرهما لأن كل واحد منهم أصبحت زيارته تحتاج إلى وقت وزمن بعد دفنه فى مقابر الأسرة.
أبى فى الماضى طلبت منه والدتى نقل أخى من مقابر الشهداء فى الإسماعيلية إلى مقابر العائلة فى أسيوط فرفض بشدة لأنه كان يعلم أن تخليد ابنه الشهيد سيبقى عبر التاريخ فى هذا المكان أما إذا نقل إلى مقابر العائلة سوف تقتصر بطولاته وحكياته على الأهل فقط ومع مرور الزمن لن يعرف بها أحد.
أقول هذا الكلام لأن هناك العشرات ممن ضحوا بأرواحهم ولهم بطولات أسطورية فى الحرب على الإرهاب لا نعرف أماكنهم ولا نستطيع زيارتهم وهناك أمثال كثيرة مثل الشهيد مجند فراج محمود شهيد القوات المسلحة الذى طالته يد الإرهاب وهو يدافع عن تراب الوطن وله بطولات أسطورية يذكرها زملاؤه بعد استشهاده ودفنه فى إحدى قرى محافظة المنيا والرائد شرطة مصطفى يسرى الذى كان يعشق العمل الشرطى فدافع عن أرض الوطن ببسالة حتى استشهد وهو الذى حصل على مجموع 98% فى الثانوية العامة ورفض الالتحاق بكلية الهندسة مفضلا عليها كلية الشرطة والذى أصيب أثناء العمل وقبل دخوله فى غيبوبة زاره قائده فى المستشفى فقال له مصطفى أنا آسف يا فندم أننى أصيبت.
والشهيد أبانوب صابر الذى استشهد فى سيناء وكان يرفض أن ينزل إجازته ويترك زملاءه وأيضا الشهيد البطل توفيق عبد البارى الذى ضحى بجسده فى كمين كرم القواديس ليفدى وطنه من غدر الأعداء ومارد سيناء محمد أيمن الذى أنقذ كتيبة صاعقة بجسده وقناص المدفعية محمد صلاح الذى استشهد فى كمين البرث والذى شارك فى عمليات حق الشهيد وتطهير جبل الحلال وتصدى لهجوم 40 سيارة وموتوسيكل و150 تكفيريا واستشهد مع العقيد أحمد المنسى وغيرهم العشرات بل المئات الذين كنت أتمنى أن يتم وضعهم فى مقبرة واحدة نستطيع زيارتها ويستطيع كل مواطن من الإسكندرية حتى أسوان من زيارتهم وقرات بطولاتهم بدلا من أن نسمع عنهم من خلال وسائل الإعلام.
إذا لم نستطع أن نقيم لهم مقبرة جماعية يمكن أن نقيم لهم نصبا تذكاريا ضخما فى أى مكان وليكن بالقرب من العاصمة الإدارية يحكى لنا قصص هؤلاء العظام ويكون مهيأ لاستقبال الزائرين من طلاب المدارس والجماعات وغيرهم حتى يكون التأثير فى الأجيال القادمة من خلال هؤلاء الأبطال رحم الله شهداء الوطن ونصر مصر على الأعداء.