الخميس 1 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
خدش حياء .. المفارقة بين الجهل والغباء

خدش حياء .. المفارقة بين الجهل والغباء






عرفت أشرف البولاقى شاعرا وناقدا لاذعا  لا يشق له غبار، كما عرفته  أيضا زميلا عزيزا ومحبا وعاشقا للهيئة العامة لقصور الثقافة، لكنى لم أعرفه قاصا، ربما تلك المرة الأولى التى أقرأ له تجارب سردية،تنتمى بجدارة لفن القصة القصيرة، وللمدرسة التى أحبها فى كتابة القصة، وهى المدرسة التى تستمع فيها بالفكرة والشخصية والحدث واللغة اللاهثة حتى تصل لنهاية القصة، سعدت أن خصنى مشكو بنسخة من مجموعته القصصية الأولى خدش حياء والصادرة عن دار الأدهم للنشر والتوزيع، وتتكون المجموعة من ثلاث عشرة قصة قصيرة، بدأت بقصة الميكروباص وختمت بقصة أردت أن أكون رجلا.
 تسيطر على كل قصص المجموعة ما يمكن أن نطلق عليه الكتابة الصادمة لمن تعود على كتابة مهادنة وطيعة ومحبة حين التحدث عن موضوعات نعتبرها من التابو الجنسي، فالرجل فى الميكروباص فى القصة الأولى يظل متراجعا حتى تقتحمه المرأة التى بجواره فى المقعد، فيعيش معها جسديا حتى يقطع الكمين العلاقة تماما ويترك مكانه فى الكمين إلى حيث لا يدرى أين يذهب، والمفارقة أن الضابط يسأله مبتسما: هل هى معك؟، أجابه مرتبكا: لا.
 وأعتقد أن قصص أشرف البولاقى تمتلك ذاكرة قوية،تجعلك لا تنساها بسهولة، لأنها ببساطة تفاعلت مع أماكن مسكوت عنها فى القص، غير موجودة فى كثير من السرديات،كما أن السرد يمتلك حيوية تجعله لا يسير فى اتجاه واحد، لكنه مضفر بتفاصيل كثيرة، ففى الوقت التى تقتحم بطلة قصة ميكروباص البطل وتتحرش به، نجد أن الكاتب يأتى بصوت الشيخ مصطفى إسماعيل يقرأ سورة يوسف، وبالآية التى تراود امرأة العزيز فتاها عن نفسه، فتعطى للقارئ مساحة جديدة للتخيل ، و تعطى مبررا للراكب أن يفعل ذلك،خاصة حين بدأت تعبث به،فتغير موقفه تماما،فقد كان البطل يكره التحرش والمتحرشين خاصة فى الموصلات، فاستراح واستمرأ الموقف تماما، وتأتى النهاية الواخزة فى النهاية حين ضاعت البطاقة من الكاتب وتعرض للحجز من قبل الشرطة.
 يلجأ الكاتب أشرف البولاقى للتعامل مع أسماء أو عناوين شائعة ومعروف عنها عمل بعض الأفعال الفاضحة هناك، ومثال ذلك ما يقال إن شيئا شاذا وخارجا عن الآداب العامة يحدث وراء مصنع الكراسي، ويقدم لنا قصة تحت هذا العنوان،  يدور موضوعها حول تعرض بطل القصة لفخ من قبل شاذ أدعى أنه قريب له، وحين يشعر البطل بذلك يحاول الفكاك من هذا الشاذ الضخم الجثة القوى، والمفارقة أن البطل يهتدى لحيلة تجعل الشاذ يهرب منه ويحاول هو الفكاك منه،خاصة حين أدعى أنه مصاب بمرض الإيدز.
وفى قصة «أردت أن أكون رجلا» يتناول القاص قضية استمناء بعض الشباب وخاصة المراهقين، يحاول الكاتب أن يعالج الأمر بشكل ساخر وخفيف الدم، وصادم، وبه من البراءة الكثير، فالشاب الصغير يكتشف عالما جديدا بالنسبة له لم يجربه من قبل ولم يعرف عنه شيئا، وفى قصة الابتسامة، نجد أن القاص وضع يده على ملمح جديد ومهم وهو أننا ربما نجد داخل الداعرة إنسانة، ولديها قيم، فقد رفضت أن تتعامل مع الابن المدثر بالتدين الشكلى  لأنها قد تعاملت من قبل مع الأب العمدة، وكأنها تريد أن تحدد لنا أن هناك خيطا ما ربما يجب الحفاظ عليه،و يختم الكاتب القصة ساخرا على لسان المرأة: وأنا أخاف الله رب العالمين.
وأخيرا أعتقد أن المجموعة مكتوبة بخبرة كتابة جيدة جدا وليست من موقع الأزمة، وأراها تجارب لم يمر بها الكاتب ولكنها قدرة على تشكيل تجارب الآخرين ببراعة وكأنها تجاربه الخاصة التى مر بها هو نفسه، من الملامح المهمة التى ميزت القصص،حالة السخرية والمفارقة التى تؤدى إلى الكوميديا المعتمدة على جهل وغباء الشخصية مما يجعل القارئ أو المتابع يبتسم وهو  يتابع القصة التى لها مقدرة على رسم المشهد بشغف،كما جاءت النهايات فى كثير منها مفارقة وواخزة وحاسمة.