
حازم منير
الدولة المصرية
استهزأ البعض بقرار تطوير القدرات العسكرية المصرية الجوية والبحرية والبرية واعتبر أنه إجراء غير ضرورى ولا نحتاج له، وأنه إهدار لأموال الدولة فى وقت نحتاج فيه للإنفاق على الأكل والتعليم وخلافه.
لماذا استعادة هذا الكلام الآن؟ لأن التكرار يُعلم الشطار ولأن اللحظة الراهنة أكبر دليل على صحة رهان الشعب المصرى فى 30 يونيو وأقوى دليل على خبرة الدولة المصرية وقدراتها وقدرتها على حماية الوطن وسط أمواج الحروب والصراعات التى تجتاح المنطقة.
ما الذى دفع الدولة المصرية عقب ثورة يونيومباشرة للتوجه شمالا وشرقا لعقد صفقات الطائرات رافال وطائرات ميج 29 الروسية ومروحيات الأباتشى الأمريكية والغواصات الألمانية وحاملات ميسترال وفرقاطات فرنسية وأخرى كورية جنوبية.
ربما التطورات الحالية فى المنطقة تشير وبوضوح إلى نظرة ثاقبة ورؤية بعيدة المدى واستراتيجية التقطتها الدولة المصرية مبكرا وتعاملت معها بسيناريوهات دقيقة ومحكمة كفيلة باستيعاب كل متغير وتأثيراته اللحظية والمستقبلية.
لونتذكر جيدا حتى ثورة يونيو2013 كان الإرهاب مازال كامنا بدرجة كبيرة ولم يكن على ما هوعليه الآن وفى سيناء كانت عمليات كر وفر أكثر من كونها مخططات لانتزاع مساحات من سيناء لإعلان دولة إرهابية عليها ولذلك كانت قرارات التسليح وقتها أكبر استعداد للتعامل مع ظاهرة رصدتها الدولة المصرية استهدفت فى جانب منها خلق بيئة تبرر التدخل العسكرى الدولي.
بالضبط كما كنا نتساءل عن اهتمام السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى بداية ولايته بدولتى قبرص واليونان، ولقاءات القمة الثلاثية وترسيم الحدود البحرية وتأسيس علاقات ثنائية وثلاثية، وبعد سنوات كان حقل ظُهر على بعد 190 كلم داخل البحر فى ظل حماية بحرية وجوية فاعلة فرضت على البعض حالة صمت وتراجع عن أى محاولة للاعتداء، وفى ظل توافق وقبول الدول الثلاث.
إن الحرب الدائرة فى سوريا منذ سبع سنوات وحتى الآن بسبب الصراع على أنابيب الغاز الممتدة من الشرق إلى أوروبا من خلال الأراضى السورية، كانت نموذجا لمخاطر إضافية مستقبلية مُنتظرة وكانت رؤية الدولة المصرية تقوم على توفير أدوات الحماية العسكرية تمهيدا لأن تتحول مصر بعد سنوات إلى مركز إقليمى للطاقة ويقوم بنقل الغاز إلى أوروبا عبر قبرص واليونان بدلا من تركيا وقطر ولتسجل الدولة المصرية هدفا تاريخيا.
الواقع يقول: إن الدولة المصرية رصدت مبكرا وفى اعتقادى من قبل 2013 متغيرات استراتيجية فى المنطقة واستوعبت بعمق أفكار ومخططات ورؤى لمستقبل المنطقة ورسمت سيناريوهاتها وأهدافها المرحلية والاستراتيجية لتأمن عدم السقوط فى الشرك والتورط المباشر فى الصراعات الدائرة.
لقد أثبتت الدولة المصرية أنها قادرة على التعامل مع المتغيرات ومواجهة مخططات إعادة رسم المنطقة، وأكدت قدرتها على تحديد أهدافها بدقة ورسم خطط تحقيقها، وحماية مصالحها الوطنية والأقليمية وفقا لرؤية مبكرة أثبتت الأحداث والتطورات صحتها ودقة تحليلها للواقع المحيط.
الدولة المصرية أكدت أنها دولة عظمى إقليمية بمفردها وليس اعتمادا على قوة عظمى كونية، فهل مازال هؤلاء يستنكرون بعد كل ما حصل؟.