الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قمة تحدى التحديات

قمة تحدى التحديات






لم تعقد قمة عربية - عادية أو طارئة - إلا وكانت أجندتها متخمة بحجم تحديات هى فى الحقيقة تتجاوز طاقة الدول العربية مجتمعة، فهذه المنطقة الجغرافية الممتدة من المحيط إلى الخليج كحزام من ثروات الطاقة والطبيعة يلف الكرة الأرضية كانت ومازالت مطمعًا ومرتعًا للمخططات المعلنة - ولن أقول المؤامرات - بعدما قفزنا إلى مربع الإعلان دون مواربة لهذه المخططات الأخيرة فى التحقق على الأرض.

مع بداية ما يسمى بالربيع العربى أصبحنا أمام منعطف جديد لتتشكل على الأرض تعقيدات أعمق وعلى نطاق أوسع ساهم بدوره فى إحداث تغييرات جيواستراتيجية على مساحة واسعة من الوطن العربى.
بآمال كبيرة تعلقت أعين الشعوب وهى تتابع القادة العرب فى إنقاذ الأمة من هذه التحديات والتهديدات التى ألمت بالأمة العربية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أرواح ويابسة أكلتها تلك المخططات والأطماع المعلقة سواء كانت غربية أو فارسية أو عثمانية، مما أوجب أولًا تعاونًا حقيقيًا لاستنفار مقومات الأمة وثانيًا لفظ الأدران الخبيثة التى سكنت جسد الوطن العربى وتنتمى له شكلا وتتآمر عليه موضوعا.
 القمة الـ29  المنعقدة هنا فى الظهران بحضور ما يقرب من 17 قائدًا ورئيس دولة وتغطية إعلامية لافتة، واهتمام دولى وإقليمى واسع بقدر عدد القضايا المطروحة على القمة، وربما كانت الضربة الثلاثية للدولة السورية، قفزت بها على الطاولة بين القادة لتشارك وتتفاعل مع التدخلات الإيرانية ومبادرة السلام العربية فى ظل القرار الأمريكى بنقل سفارتها إلى القدس.
كما لن تكون الأوضاع فى ليبيا واليمن ومكافحة الإرهاب أقل حضوراً فى مساحة المناقشة والتفاهمات بين الملوك والرؤساء.
هنا حيث نطل على الخليج العربى كان واجبًا علينا أن نذكر بالموقف المصرى الحريص على بناء مستقبل يقدم نموذجًا للتضامن والتآخى العربى، فمصر التى مارست «دبلوماسية الشرف» انتقلت حاليًا لمرحلة «دبلوماسية الإنسانية»، لقد حددت مصر أهدافها منذ البداية وأصرت على تحقيقها، ولم يكن إصرارها بحثًا عن مصلحة منفردة أو مكانة مصطنعة بل كعادتها تصرفت تصرفات الكبار فجاءتها المكانة الرفيعة سعيًا.
 استراتيجية القاهرة تجاه سوريا كنموذج كتبها رجال كانوا على قدر المسئولية المستمدة من إيمانهم بقيمة وعظمة وطنهم، الذين سطروا ميثاقًا يعبر بوضوح عن موقف عروبى وقومى يعبر بجلاء عن إدراك مصر لحجم مسئولياتها وحجم الآمال المعلقة على ثباتها وعودتها للمشهد، ولقد كانت مصر واضحة الاستراتيجية من الوهلة الأولى وأعلنت عن أهدافها بجلاء للخروج من الأزمة والتى تمثلت فى:
■ الحفاظ على وحدة الأراضى السورية.
■ الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية.
■ الحل السلمى عن طريق التفاوض بين جميع الأطراف.
فمصر ترفض أن تكون سوريا هى مركز التصفية وصراعات القوى الدولية وتعى جيدًا أن الحلول العسكرية لن تصل بنا إلى الحل النهائى.
لا يمكن القفز هنا على تلك المخاطر التى تحيط بالخليج العربى والتى كانت القاهرة هى «الظهر» و«السند» لأشقائها، فلم تدخر جهداً أو عملًا إلا وكانت حاضرة به، لتعطى رسالة للقاصى والدانى أن مصر المكان والمكانة لا تتأخر عن دعم أشقائها شرقاً وغربًا وشمالًا وجنوبًا.
هى بحق قمة تحدى التحديات التى أصبحت جبلًا ضخمًا من المشكلات والأزمات.. فهل ستكون مياه الخليج قادرة على إذابتها؟