الأربعاء 16 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأعلى للإعلام

الأعلى للإعلام






أتابع عن كثب قرارات الأعلى لتنظيم الإعلام فى مجالات مختلفة وخصوصا فى تعامله مع الدراما التليفزيونية وعلى الأخص خلال شهر رمضان الكريم الذى تحول إلى شهر الإنتاج المميز للأعمال الفنية.
الويل والثبور وعظائم الأمور لكل من تسول له نفسه أن يأتى لنا بألفاظ خارجة أو لقطات مثيرة أو جُمل مسيئة فى الشهر الكريم، هكذا جاءت رسالة الأعلى لتنظيم الإعلام وتهديداته للمنتجين ومن ضمنها أيضا أنه لن يُعرض عمل إلا بعد إقراره من الرقابة على المصنفات الفنية.
بحثت كثيرا عن قرارات تتعلق بالإعلانات فى دراما رمضان أو حتى على الأقل ملاحظات أو أفكار أو مبادرات أو نصائح لكنى للأسف لم أجد أى شىء على الإطلاق وكأن الأعلى للإعلام مجلس أخلاقى يهتم بالألفاظ واللقطات وليس مجلسا مهنيا يبحث عن حقوق الأطراف المختلفة وفى مقدمها المشاهد.
بسبب سيادة مفاهيم محددة تقصر التسويق الدرامى التليفزيونى على شهر رمضان فقط دون بقية شهور العام أصبح الهم الأكبر للمُنتج تجميع أكبر قدر ممكن من اللقطات الإعلانية فى المسلسل الواحد لحصد أكبر قدر من الأموال حتى ولو كان على حساب العمل الدرامى نفسه.
ولو يتذكر القارئ الكريم خلال شهر رمضان الفائت بلغت الأمور حدا غير محتمل فى التوازن بين مساحتى الإعلان والدراما، وفى أغلب الأعمال استحوذ الإعلان على نحو 75% من مساحة العمل الدرامى وتبقى للجوانب الفنية فقط نحو ربع المدة الزمنية المقررة للعمل.
أتذكر جيدا أن بعض المشاهد الفنية لم تتجاوز دقيقتين أو ثلاث يعقبها فاصل إعلانى يتجاوز 12 دقيقة وتعود بعده لمشهد درامى أشبه باللقطات الموجزة ليتلوه إعلانات طويلة وهكذا حتى إنك تنسى المسلسل الذى كنت تشاهده أو لقطات وحوار ما قبل الفاصل مباشرة.
ليس منطقيا أبدا أن يستولى البعض على الشاشة لتحقيق مكاسب وأرباح هى مشروعة فعلا لكن لا يجب أن تكون على حساب المشاهد الأسير والذى لا يجد من يدافع عن حقوقه فى مشاهدة متوازنة.
الإعلام مهامه الرئيسية نشر الأخبار ونقل المعلومات وتقديم الترفيه والتسلية، وليحقق ذلك لابد وأن يجنى الأرباح من أجل الاستمرار، ولكن أن يتحول الأمر إلى أن مهمة الإعلام هى جنى الأرباح على حساب الترفيه والتسلية فهو بذلك ينقلب حاله ويفقد أهم مهامه ويتاجر بالمشاهد ويسلبه حقوقه.
شلال الإعلانات فى رمضان على الشاشة يتطلب وقفة جادة من خلال نظرة متوازنة تحمى حقوق المنتجين والمشاهدين على حد سواء، فلا يمكن استمرار سياسة استغلال المصريين ويجب منع مسلسل تحويل الشاشات إلى عرض للمنتجات بدلا من تقديم الخدمات الإعلامية للناس.
وفقاً للمعايير الدولية تصل المساحة الإعلانية إلى 20% ساعة، وهو معدل يساوى مثلاً ما يقرب من 12 دقيقة إعلانية فى عمل درامى مدته 60 دقيقة بينما نحن فى مصر ننتج 15 دقيقة دراما مقابل 45 دقيقة إعلانا، وتتيح النسبة العالمية للمشاهد متابعة لعمل درامى حقيقى وليس مُنتجا ممطوطا مفتقدا للمعايير الفنية لمجرد استيعاب أكبر قدر من الإعلانات.
من غير المقبول استمرار سياسة استغلال المصريين فى كل المجالات والاعتداء حتى على حقهم فى إزالة هموم الحياة بالاستمتاع ولو للحظات قليلة.