الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إحسان عبدالقدوس رئيسًا للتحرير!!

إحسان عبدالقدوس رئيسًا للتحرير!!






فى نفس اليوم الذى انتهى فيه «إحسان عبدالقدوس» من أداء امتحان ليسانس الحقوق ذهب عل الفور إلى مجلة «روزاليوسف»، واحتل أحد مكاتب المجلة وأعلن نفسه رئيسا للتحرير!!
وفوجئت السيدة «روزاليوسف» بما فعله ابنها وحتى قبل أن تظهر نتيجة الليسانس وتقول:
ولما اعترضت على ذلك قال لى: أمال أنا كنت باتعلم علشان إيه؟! مش علشان أشتغل بدالك وأنت تستريحى!!
وحاولت أن أقنعه بأنه لا بد له من بعض التمرين قبل أن يرأس تحرير المجلة، ولكنه أبّى ورفض أن يعمل فى «روزاليوسف» إلا رئيسًا للتحرير!!
ولما أخذت عليه هذا العناد قال لى كالعادة:
- هوه أنا جايب العناد من برة!!
وكأنه أراد أن يثبت لى أنه يستطيع أن يمضى بمفرده وأنه لا يطالب بذلك لمجرد أنه ابن صاحب المجلة، فذهب إلى «التابعى» الذى كان يصدر مجلة «آخر ساعة» فالتحق بها، وكنت أعطيه لقاء تمرينه فى «روزاليوسف» ستة جنيهات فأعطاه «التابعى» خمسة وعشرين!!
وانتظرت أن يعود بعد قليل ولكنه لم يعد فقد نجح هناك وبرز وأصبح عنصرًا مهمًا، واتصلت بالتابعى بالتليفون أعاتبه - أو بالأصح أتشاجر معه - لأنه يغرى ابنى على العمل معه، وقلت له:
- إننى أستطيع أن أعطيه المرتب الذى تدفعه له وأكثر ولكننى أريده أن يتمرن!
وأعترف أننى كنت أهاجم التابعى بشدة على تمسكه بإحسان وأنا مسرورة فى دخيلة نفسى فقد كنت أمام دليل قاطع على أن ابنى قد نجح وأنه يستطيع أن يقف على قدميه ولم يبق هناك أكثر من شهرين وعاد!!
وفى سنة 1945 عاد إحسان إلى «روزاليوسف» وكتب فيها أول مقال نشر فى الصحف المصرية ضد «اللورد كيلرن» - المندوب السامى البريطانى - وكان «النقراشى» باشا رئيسًا للوزارة فصادر المجلة وقبض على إحسان وأودعه السجن!!
وقد حاولت أن أتحمل المسئولية نيابة عن ابنى وأن أدخل السجن بدلا عنه، ولكن «إحسان ثار وشهد مكتب وكيل النيابة مناقشة حادة لا أعتقد أن تاريخ الصحافة فى العالم قد شهد مثلها، مناقشة بين أم وابنها كل منهما يريد أن يتحمل المسئولية وكل منهما يريد أن يدخل السجن!!
وانتصر وكيل النيابة لابنى وحمله المسئولية وأودعه السجن، وعندما خرج عينته رئيسًا للتحرير وأقمت له فى هذه المناسبة حفلة كبيرة سمحت له خلالها أن يدخن أمامى للمرة الأولى .
ولم ينس أبدًا «إحسان» تلك اللحظة وروى فيما بعد تفاصيلها للدكتورة «أميرة أبوالفتوح» فى كتابها «إحسان عبدالقدوس» يتذكر.. فقال:
قالت لى أمى وهى تشير إلى مكتبها باعتبارها رئيسة تحرير المجلة: اقعد يا إحسان على مكتبك!! ولم أفهم ماذا تقصد!! إن مكتبى كسكرتير تحرير «روزاليوسف» يقع فى تواضع فى حجرة أخرى، والمكتب الذى تشير لى والدتى بالجلوس إليه هو مكتب رئيس التحرير أى مكتبها هى!!
ولأول مرة منذ تخطيت مرحلة الطفولة ترى عيناى حنان الأمومة ورقتها يسيلان فى عذوبة من عينى «فاطمة اليوسف» المرأة القوية على نفسها وعلى من حولها، واقتربت منى ببطء وكأنها تؤدى طقوسًا دينية ذات رهبة وجلال وسحبتنى من يدى المرتجفة وأجلستنى على مكتبها ثم قبلتنى قبلة حب استقبلها قلبى قبل أن يحس بها جبينى وقالت لى وشفتاها ترتجفان بانفعال غلبها ربما لأول مرة فى حياتها: دى مجلتك ولازم تتحمل مسئوليتها يا إحسان أنا من حقى أرتاح بقى»!!
وللحكاية بقية!!