
حازم منير
أخطر قانون فى مصر
داخل قاعة لجنة الصحة بمجلس النواب يناقش هذه الأيام واحد من أخطر القوانين التى تشهدها البلاد وبه إما أن تدخل مصر معسكر دول الأبحاث الإكلينيكية أو تتحول إلى سوق عالمية للاتجار بأجساد المصريين فى الأبحاث العلمية.
مشروع القانون المحال من الحكومة إلى البرلمان هو الأول من نوعه وعنوانه «تنظيم البحوث الطبية الإكلينيكية» وهى الأبحاث التى تجرى على البشر لتوفير علاج أكثر كفاءة وأمنا للمريض وذلك حسب ما وصفت بشكل إجمالى المذكرة التفسيرية للمشروع أهدافه.
مسألة الأبحاث الإكلينيكية كانت تتم بشكل غير قانونى وتعد من الجرائم، لذلك استهدف التشريع المقترح وضع الأسس والمعايير اللازمة لإجراء هذه البحوث وفى الوقت ذاته حماية الأشخاص التى تجرى عليهم الأبحاث والتى يشترط أن تلتزم بالقوانين المحلية والمعايير الدولية.
ومن خلال جلسة استماع شاركت فيها وتراسها النائب المحترم الدكتور محمد العمارى بحضور ممثلين عن كل ما يمكن أن تتخيله على صلة بالأمر بما فيها ممثلون لجمعيات حقوق الإنسان فإن المشروع علمى طبى يحتاج إلى مناقشات علمية متخصصة.
لكن الجوانب ذات الصلة بالضمانات وبتشكيل المجالس والهيئات المعنية وأهدافها وصلاحياتها تحتاج لمناقشات واسعة أعتقد أن المسئول البرلمانى الدكتور العمارى على وعى شديد بذلك.
الحاصل إن خطورة القانون تتمثل فى كونه يمس حياة المواطن المصرى ويحمى جسده من الاستغلال لأغراض كثيرة أو تعريضه للخطر، ويجب الوضع فى الاعتبار أن بمصر أعداد كبيرة من الفقراء ويمكن أن يصبح بعضهم بمثابة ثغرات لاختراق القانون.
لذلك تمثل الجوانب الرقابية مربط الفرس فى الأمر، والتشدد فى هذا الجانب ليس من معوقات البحث العلمى، فهذا الملف غاية فى الخطورة ولا أعرف لماذا لا يتم تشكيل المجلس الأعلى لأخلاقيات البحوث الطبية بقرار من رئيس الوزراء بعد عرض وزيرى الصحة والتعليم العالى بدلا من تشكيله بقرار وزير الصحة.
فى تقديرى أنه لا يجوز إنشاء مجلس أعلى لأخلاقيات البحوث الطبية أغلبيته من التابعين للسلطة التنفيذية ونمنحه ىسلطة إعداد المعايير والضوابط واللوائح وخلافه، وفى نفس الوقت تلقى الشكاوى من المواطنين أى أننا نجعل منه خصما وحكما فى ذات الوقت.
أعتقد أن الأفضل لمثل هذا تشريع النص على إنشاء هيئة وطنية رقابية مستقلة، مسئوليتها المتابعة والمراقبة لأداء والتزامات كل المجالس واللجان المؤسسية والباحثين، وتلقى الشكاوى وتحقيقها وإعلان نتائجها واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
إنشاء هيئة رقابية مستقلة تتبع رئيس مجلس الوزراء مباشرة سيضفى قوة والتزاما أقوى فى تنفيذ القانون ويوفر ضمانات جادة وفعالة لمتابعة ومراقبة أنشطة كل الهيئات ذات الصلة بتطبيق القانون، ويمنح الهيئة الرقابية المستقلة صلاحيات أوسع بكثير من تلك التى تم توزيعها على هيئات عدة.
إن أى حديث عن هذا المشروع لا يتضمن مطابقة بنوده ومعايير الأبحاث وقواعدها مع المعايير الدولية سيمثل ثغرة تتيح إمكانية اختراق نصوصه.
وأخيرا فإن إصدار اللائحة التفسيرية بقرار من رئيس الحكومة سيجعل الأمر مختلفا فى تفسير نصوص القانون وضوابطه التنفيذية.