الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«كامل الشناوى» يمزق قصائده!

«كامل الشناوى» يمزق قصائده!






كان الشاعر الكبير الأستاذ «كامل الشناوى» واحدًا من أنبغ وألمع مدرسة «روزاليوسف» سواء المجلة أو الجريدة اليومية التى صدرت لأول مرة فى فبراير سنة 1935، وعلى صفحاتها نشر عشرات القصائد والأشعار، وهو ما كان يفعله مع كل صحيفة أو مجلة يكتب وينشر بها!
والغريب بعد ذلك أنه لم يصدر له سوى ديوان واحد يتيم هو «لاتكذبى»، ولم يهتم أبدًا بنشر قصائده فى دواوين مستقلة، بل إنه قام بتمزيق عشرات القصائد التى سبق وكتبها ونشرها على مدى عشرين عامًا!
ويعترف «كامل الشناوى» بما فعله ويشرحه قائلا:
«أمضيت الليلة فى قراءة أشعار نظمتها خلال عشرين سنة، كل مقطوعة من هذه الاشعار تمثل تجربة دخلتها وبقيت فيها، كنت ألمح خلال الكلمات كل ما رأيته وعشته وأحسسته عندما نظمت هذه المقطوعة أو تلك! بعضها استطاع أن يعبر بصدق عن شعورى، وبعضها عجزعن التعبير الصادق فانحرف عن الحقيقة تحت ضغط الوزن أو حكم القافية!
ماذا أسمى هذه المقطوعات التى خاننى فيها التعبير؟
هل أسميها شعرًا عذبًا تطبيقًا للمثل العربى القديم  
« أعذب الشعر أكذبه».. ولكنى لا أؤمن بصدق هذا المثل! بل إننى أرى أن الشعر مثل أى فن إذا لم يكن صادقًا فهو هباء!
هل أسميه نظمًا؟! ولكن ما قيمة النظم؟! إذا لم يكن له دافع وهدف من الواقع والشعور والتفكير؟! ما جدوى الاهتمام بإطلاق اسم عليه أو الاحتفاظ به دون تسمية؟!
ويصل الاستاذ «كامل الشناوى» إلى اعترافه الخطير فيقول: «ولم تكد هذه الخواطر تملأ رأسى حتى بادرت بتمزيق أشعارى الزائفة وأبقيت على الشعر الذى أعرف أنه نبع من ذاتى وتجاوب مع الواقع الذى عشته!
إن أكثر الشعر الذى احتفظت به، يفيض بالدموع ومن أجل هذا كان صادقًا فليس أصدق من الدمع إنك تستطيع أن تقول كلامًا جميلًا مقنعًا يشبه الصدق وأنت كاذب!
وتستطيع أن تخضع ملامحك وإشاراتك وحركاتك للحزن والأسى، وأنت لا تحس حزنًا ولا أسى، وتستطيع أن تضحك ملء فمك وانت حزين ! أما الدموع فهى لاتكذب ولاتجاريك فى كذبك ,إنك لاتستطيع أن تسيلها من عينيك إلا اذا مس الحزن قلبك؟ والدموع يبعثها الألم وهى وحدها التى تخفف الألم».
انتهى اعتراف كامل الشناوى الذى كان عنوانه «الدموع لا تكذب» ونشره فى كتابه البديع «زعماء وفنانون وأدباء»
كان «كامل الشناوى» شاعرًا و كاتبًا وإنسانًا ظاهرة إنسانية يندر أن تتكرر، أو كما يقول مايسترو الصحافة الأستاذ «صلاح حافظ» عنه: لا يحب شعره وإنما يحب الشعر لايتذوق الأدب،لايسعد بتفوق   فنه فى الكتابة وإنما يسعد بتفوق فن الكتابة، وليس فى التاريخ أديب أو فنان تجرد من الإنانية مثله.
كان «كامل الشناوى» عاشقًا للجمال ويبحث عنه وهو القائل:
«إننى أحب الجمال ولو تحول إلى خنجر يسكن فى ضلوعى، يجول فيها ويتلون ويقفز احبه فى فكرة ،كلمة ،لوحة،نظرة ، إشارة، شروق، ضباب، حقيقة، خيال، بحر هائج، رياح عنيفة، نسيم  ضعيف، نغمة تنساب من حنجرة».
وأظن أنه لم يجد الجمال الذى يرجوه فى قصائده، ومن هنا قرر تمزيقها، أقول ربما!
وللحكاية بقية