
محمد صلاح
الأمن الغذائى
بدخول تعديلات قانون الزراعة حيز التنفيذ، بعد إقراره والتصديق عليه، لا خيار أمام الفلاحين الآن إلا زراعة الذرة، كبديل لمحصول الأرز، بعدما قررت وزارتى الزراعة والرى خفض مساحته المنزرعة إلى 724 ألف فدان، ولا مفر أمام الحكومة إلا اتباع سياسة الزراعة التعاقدية، وتشجيع الفلاحين على زراعته بزيادة أسعار توريده، وحل المشاكل المتعلقة بتسويقه بما يحقق عائدا مشجعا للمزارعين مثلما هو الحال مع القمح وقصب السكر والبنجر.
وزارة الزراعة تتجه إلى اتباع سياسة زراعية تتواكب مع السياسة العامة للدولة بتحديد نوعية المحاصيل، ولكنها قطعا ستواجه صعوبات بالغة لإقناع المزارعين لإحلال الذرة بديلا لمحصول الأرز، الذى اعتادوا على زراعته سنوات طويلة.
إذا كانت الحكومة «ممثلة فى وزارتى الزراعة والرى» جادة لتنفيذ استراتيجية «4 ت» المتمثلة فى ترشيد استهلاك المياه- بعدما تراجع نصيب الفرد إلى 560 مترا مكعبا- والحفاظ على ثروة مصر المائية، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الاستراتيجية، فإن أمامها فرصة ذهبية لاحتواء غضب الفلاحين، بأن تتم معاملة الذرة نفس معاملة القمح وقصب السكر والبنجر، وتلتزم الحكومة بتوريده إلى مضاربها وصوامعها بأسعار مشجعة تتناسب مع تكلفته العالية، ولا يجب أن تتعامل مع الفلاحين بلغة التهديد والوعيد، وتضعه أمام خيار إما زراعة الذرة أو أن يكونوا من أرباب السوابق، فى حال إصرارهم على زراعة الأرز بالمخالفة للسياسة الزراعية.
أعتقد أن وزارة الزراعة لم تحدد حتى الآن رؤيتها للمحاصيل الزراعية الصيفية، بسبب الارتباك والتخبط، وعدم قدرتها على احتواء حالة الغضب التى تنتاب المزارعين، ففى العام الماضى تم زراعة 2 مليون و729 ألفا و328 فدانا من الذرة الشامية، إضافة إلى 372 و454 فدانا من الذرة الرفيعة، التى تستخدم كعلف للماشية والدواجن، فضلا عن إضافتها بنسبة 10% إلى رغيف العيش.
وفى هذا العام نحن فى حاجة إلى زيادة المساحة المنزرعة بالذرة إلى 4 ملايين فدان لسد احتياجاتنا والتى تقدر بنحو 12 مليون طن سنويا، نستورد منها 8 ملايين طن، منزوعة الجنين، تأتى من أمريكا والأرجنتين وروسيا وأوكرانيا، والتى تستخدمها شركات الأدوية العالمية فى تصنيع المنشطات والمكملات الغذائية.
إذا لم تسارع وزارة الزراعة بتقديم حوافز لزراعة الذرة، فلن تتواكب سياستها الزراعية مع السياسة العامة للدولة، حيث سيلجأ الفلاحون إلى التوسع فى زراعة محاصيل أخرى مثل الكنتالوب وعباد الشمس والفول السودانى وفول الصويا والسمسم، كبديل لمحصول الأرز.
عشوائية القرار فى وزارة الزراعة، يجعل محصول الذرة من المحاصيل الهامشية، فرغم أنه المحصول الرئيسى الذى يدخل فى 70% من علف الماشية والدواجن، إلا أن مصانع الأعلاف الحكومية والخاصة والبالغ عددها 16 مصنعا ترفض على مدار الأعوام الماضية استلام الذرة من الفلاحين، وهو ما أدى إلى تلف المحصول وتسبب فى خسائر بالغة للفلاحين.
الآن لم يعد أمام وزارة الزراعة مبررا لاستمرار أزمة توريد وتخزين الذرة، خاصة بعد الانتهاء من إنشاء الصوامع اللازمة لتخزين القمح، والتى يمكن استخدامها فى تخزين الذرة، خاصة أن الذرة من المحاصيل الصيفية، والقمح من المحاصيل الشتوية.