الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«صادق حنين» بطل ثورة 1919 المجهول!

«صادق حنين» بطل ثورة 1919 المجهول!






من أسخف وأغبى ما نفعله فى الصحافة أننا ننقل دون علم أو دراية أو فهم أى تقرير أجنبي يصدر عنا حتى ولو كان مليئا بالأكاذيب والافتراءات والسخافات!
وهذا بالضبط ما حدث مع مواطن مصرى كان من رموز ثورة سنة 1919، وكان وقتها موظفًا بوزارة الزراعة واسمه «صادق حنين» ويشغل مدير إدارة بتلك الوزارة!
وبعد سنوات طويلة وذات صباح فوجئت أسرة الرجل - وكان ذلك فى منتصف الستينيات من القرن الماضى - بصحيفة الأهرام تنشر تقريرًا أعدته السفارة البريطانية فى مصر عن عدد من الشخصيات السياسية المصرية وذلك بعد إفراج الخارجية البريطانية عن هذه الوثائق.
وحسب ما جاء فى الكتاب المهم «شخصيات مصرية فى عيون أمريكية» للدكتور رءوف عباس»، فقد تضمن ما نشرته الأهرام من ترجمة «صادق حنين باشا» ما يسىء إلى الرجل الذى كان على رأس منظمى إضراب الموظفين فى ثورة 1919 إذ وصمه التقرير بالانتهازية وفقدان الكرامة.. ما دفع أسرته إلى مقاضاة الخارجية البريطانية أمام المحاكم البريطانية ذاتها وحصلوا على حكم لصالحم، فاضطرت الخارجية إلى مد الحظر على تقارير التراجم إلى خمسين عامًا وذلك على وجه العموم ولا يقتصر على مصر وحدها.
ونعود للوراء حيث ثورة 1919 عندما قامت الحكومة بإحالة «صادق حنين» إلى المعاش عقابًا له ولرئاسته لجنة تكريم «سعد زغلول باشا» ولجرأته فى نقد رئيس الحكومة وتسفيهه.
وعلى ما يبدو فقد كان «سعد زغلول» يتوقع هذا العقاب من الحكومة ضد «صادق حنين» فكتب إليه من قبل عندما علم بالحفل الذى سيقام لتكريمه، قائلا:
علمت أن الوزارة غاضبة من حفل التكريم الذى شرعتهم مع إخوانكم فى اعداده ونبهت بالعدول عنه وأنكم صممتم على عزمكم رغم تهديدها لكم فكتبت هذا شاكرا حسن قصدكم وجميل صنعكم راجيا بكل إلحاح أن تعدلوا عن عزمكم خشية أن تتكدر خواطركم بسببى وهو ما يؤلمنى ألمًا شديدًا.
ومضى «سعد زغلول» يقول له: «وأؤكد لكم أن شعوركم المضغوط عليه بتلك السلطة أرقى فى نظرى من كل شعور آخر وأنه اذا حجبت القوة مظاهر الترحيب بى فلا تستطيع أن تحجب ما انطوت عليه جوانحكم من عواطف الحب والإكرام التى يشعر قلبى برقتها وتمتلئ نفسى سرورًا بلطفها وإننى أحيى ذلك الشعور الكامن وأقدم لكم عليه الشكر الوافر والسلام.
 ومن اللافت للنظر أن تقام الحفلات لتكريم «صادق حنين» ويشارك فيها رجال القضاء والنيابة والطب والهندسة والتعليم والإدارة وآلاف الموظفين فى تحد سافر للحكومة والمندوب السامى، وكان على رأس الحضور الزعيم «سعد زغلول باشا» نفسه وباقى زعماء الوفد.
وألقى «صادق حنين» كلمة قال فيها : «إن الحرية لازمة لكل شعب فى كل زمان ومكان ولكنها اليوم أشد لزومًا لنا منها فى أى زمان آخر”.
وبعد نجاح الثورة وقيام سعد زغلول بتشكيل الحكومة سنة 1924 أعيد «صادق حنين» لخدمة الحكومة وكيلا لوزارة المالية ثم انخرط فى السلك الدبلوماسى وزيرًا مفوضًا فى مدريد ولندن.
وسوف تندهش عندما تقرأ مذكرات الوفدى الكبير «فخرى عبدالنور» لتعرف دور هذا الرجل وكذلك فهو الذى عكف على تفصيل أبواب هذه المذكرات وتلخيص هوامشها ثم تدوينها على رءوس فصولها والرجوع اليها فى يسر دونما عناء.. وما أكثر الأسماء العظيمة فى تاريخ مصر العظيمة.
وللحكاية بقية.