
محمد صلاح
العدو الخفى
«نعم أنا ديمقراطى».. التهمة التى أطاحت بالمفكر والفيلسوف البارع أحمد لطفى السيد، أمام منافسه فى الانتخابات النيابية بدائرة الدقهلية عام 1913، والتى استغل فيها المرشح المنافس حالة عدم الوعى لدى المواطنين، وأشاع بأن منافسه اعتنق الديمقراطية وترك الإسلام، فانتشرت الشائعة فى القرى مثل النار فى الهشيم، ما زاد من سخط وغضب الأهالى على أستاذ الجيل ورائد التنوير لطفى السيد الذى يدافع عن قضاياهم وحقوقهم ولكنه خسر الانتخابات بسبب شائعة.
فالشائعات دائمًا ما يطلقها المتآمرون والخبثاء والمحرضون من أصحاب المصالح، وينشرها الأغبياء ويصدقها المغفلون البسطاء، فهى مثل كرة الثلج تبدأ صغيرة ثم تكبر، ويزداد حجمها كلما حركتها، وتذوب فى مكانها إذا تركتها أو واجهتها.
فالشائعات من أخطر الأسلحة التى تدمر الأفراد والرموز والدول، فهى من حروب «الجيل الرابع» التى تهدف إلى تفجير المجتمعات من الداخل، وأول من اكتوى بنارها أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبى بكر زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بسبب الشائعة التى روجها رأس المنافقين عبد الله بن سلول، والمعروفة بـ» حادثة الإفك»، حيث حاول بن سلول زورا وبهتانا اغتيال النبى معنويا وزعزعة ثقة المسلمين فيه وفى أهله، ولكن برأ الله السيدة عائشة من فوق سبع سماوات فى سورة النور.
المؤامرة مستمرة، والضغوط لن تتوقف، لإفشال الدول وإدخالها فى دائرة الفوضى، فقبل أيام من تطبيق المرحلة الجديد من برنامج الإصلاح الاقتصادى، والتى تتضمن تحريك أسعار الوقود والطاقة، كثف عناصر الجماعة الإرهابية من حملاتهم لبث الأكاذيب المسمومة للتهوين من حجم الإنجازات الكبيرة التى تحققت فى الفترة الماضية، وإثارة حالة القلق والتوتر بين المواطنين للخوف من المستقبل.
فالتنظيم الدولى للإخوان الذى يتلقى تمويلا هائلا من قطر وتركيا يدرك جيدًا خطورة سلاح الشائعات على السلام الاجتماعى، مستغلين 13 ألف إخوانى تم تعيينهم فى الجهاز الإدارى للدولة خلال فترة حكم مرسى، و500 ألف آخرين من المنتمين والمتعاطفين مع الجماعة الإرهابية، للقيام بالتشويش وإثارة البلبلة من خلال الشائعات المغرضة، والتى بلغت 53 ألف شائعة خلال 60 يومًا فقط.
علينا أن ننتبه حكومة ومواطنين من مؤامرة الجماعة الإرهابية، التى تستخدم الشائعات لتحقيق أهدافها المشبوهة.
الحكومة تخطو خطوات جيدة فى اتجاه العدالة الاجتماعية من خلال اتخاذ إجراءات للتخفيف من آثار برنامج الإصلاح الاقتصادى، حيث تواصل برامجها للحماية الاجتماعية، ورفع حد الإعفاء الضريبى، وزيادة دعم المواد التموينية، ومنح العاملين بالدولة علاوتين، أحدهما دورية والأخرى استثنائية، ليرتفع راتب أحدث موظف بمقدار 225 جنيهًا شهريا، فضلا عن زيادة المعاشات بنسبة 15%، وهى نسبة جيدة تغطى الفجوة بين الأسعار والأجور، حيث تتحمل الموازنة العامة للدولة ما يزيد على 60 مليار جنيه، من بينها 24,2 مليار جنيه للمعاشات، يستفيد من نحو 9 ملايين من أصحاب المعاشات، حيث قررت الحكومة رفع الحد الأدنى للمعاش بنسبة 50% من 500 جنيه إلى 750 جنيها، وبنسبة تتراوح ما بين 15 إلى 23% لنحو 7 ملايين مستفيد من المعاشات.
مصر تخوض حروبا على جميع الجبهات، للحفاظ على أمن الوطن واستقرار الجبهة الداخلية، وأخطر تلك الحروب هى وأد الشائعات التى تعد العدو الخفى الذى يدمر المجتمعات.